بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه
أما بعد :
فهذا شرح الحكمة
الرابعة من حكم حكيم السادة الصوفية ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه وقدس
روحه العزيز.
قال الامام : ( أرح نفسك من التدبير فما قام به غيرك عنك لا تقم به أنت لنفسك )
أقول وعلى الله القبول :
- التدبير جولان الفكر في عالم الأغيار تلتمس النفس حظوظها .
- التدبير خاطر النفس في عالم الحسّ.
- النفس متى دبّرت قدّمت حظوظها وأخّرت حقوق الله عليها .
- التدبير والاختيار سبب حياة النفس وموتها لا يتحقق الا بسيف الرضا والتسليم .
- التدبير خاطر النفس لذا لا يكون الا حارّا تجد دخانه ولو بعد حين .
- انما كره لك الاختيار والتدبير لأنّه العليم القدير .
- تدبيره لك رفعا لك منه الى باب حضرته , وحسن اختياره من تمام نعمته ( وان تعدو نعمة الله لا تحصوها ).
- علامة ترك التدبير والاختيار شروق القلب بواردات الأنوار.
- لا تنزل الى حظوظ التدبير بعد أن أحسن لك الاختيار فتخرج من حضرته الى حجاب نقمته ( قال ما كان لك أن تتكبّر فيها ( .
- لا تصل اليه حتى يصبح تدبيرك طاعة وامتثالا , واختيارك قربا منه واقبالا .
- تدبير العارف امتثال في الأوقات بحسب الواردات .
- انّما قام عنك بما لم تقم به أنت لنفسك ليشهدك سبق اعتنائه بك , فتستريح بعبادته , وتستأنس بلطف معاملته .
- كره لك التدبير لعلمه بجهلك بتدبيره اذ أن التدبير الحق لا يكون الا به .
- حرارة التدبير والاختيار شكوى أهل الارادة .
- تدبيره لك وصف له وفق علمه بك فأحسن لك الاختيار وهو لم يختر لك سواه .
- تدبيرك واختيارك تواكل من حيث علمه وتدبيره لك توكّل عليه ( ومن يتوكّل على الله فهو حسبه ) ( حسبنا الله ونعم الوكيل).
- المتواكل الذي لا يشهد سبق تدبيره فلم يحصّل ثمرة والمتوكّل من حصّلها فقلّ تدبيره .
- التدبير من حيث علمه بك عطاء ومن حيث علمك به رجاء ومن حيث جهلك به منع ومن حيث موافقتك لهوى نفسك هلاك .
- ترك التدبير لا يتحقّق الا بالفناء في صفاته والتدبير به بقاء منك في حضرة ذاته .
- خوفك من الفوات , دليل جهلك بما هو آت , فلو عاينت حسن اختياره , لبادرت الى جنّة مجاري أقداره .
- القضاء والقدر لموت النفوس , والتدبير احياء لها .
- انّما تركوا التدبير والاختيار لصفاء معانيهم من خيالات الأغيار .
- تدبيره لك من حيث ما أراده منك من الامتثال , فمحال أن يدبّر لك غير ما يريد .
- أمرك بالتدبير في الذي يدلّك عليه ودلّك على اختيار أحسن ما يوصل اليه , ليوافق تدبيرك تدبيره فيغطّي أوصافك بأوصافه .
- ما قام به عنك وصف كرمه لك ولطفه بك فشهودك لتدبيره وحسن اختياره شكرا لنعمته وحمدا لمنّته .
- تدبيره لك وحسن اختياره يرتقي معك في كلّ مقام وهو لا يريد أن يكون لك عند غيره مقام .
- متى ما وافقت أمره أحسن لك الاختيار , ومتى خالفته أحالك لتدبيرك فجلب لك الهمّ والأكدار .
- لولا نفوذ قدرته فيك ما حبّب اليك ترك التدبير , ولو لا علمه بك ما أحسن لك الاختيار.
قال ابن عطاء في التدبير *** حاذر منه فانّه التقصير
قال شيخنا قبله الحسن *** شكوت حرّه لسيّد هذا الفنّ
التدبير يا غلام فلا تقف *** اسقاط اختيار هذا الوصف
تدبيره لك أحسن تدبير *** خلق الخلق ما لهم تخيير
تمعّن في كلامه ترى *** وصف قدره أحاط بالورى
تدبيرك شغل فؤادك بغيره *** فأوقفك عند أمره ونهيه
أمره ونهيه بداية التدبير *** بالامتثال باح وارد التنوير
باح بالتدبير في الامتثال *** ظهرا وبطنا في الأعمال
لتكون رهن أمره بتدبيرك *** ونهيه في أنفاسك وتخييرك
فما مجال بقى لتختار *** غير ما به جرت الأقدار
ترك التدبير جلبا للمصالح *** بنور الوارد طرحا للمطالح
ما جرت لك به الأقدار *** تدبيره لك بحسن اختيار
الفرق بين الكسب والتدبير *** كالفرق بين القدر والتجبير
ليس بتركه اسقاط للعمل *** تهاطل الأمطار بسبب الجبل
الجبل اليه هل من تدبير *** فأفهم يا صاحب التفسير
لولا الأسباب في الأجل *** ما قال اعقل الجمل
فالخلط ميدانه التشكيك *** والفصل اشاراته تكفيك
والسلام .
0 التعليقات:
إرسال تعليق