بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله العليم الحكيم والصلاة والسلام على من أوتي جوامع الكلم وعلى آله وصحبه أجمعين
أمّا بعد :
فهذه محاولة
أخرى في شرح حكم مولانا الأستاذ الشيخ العارف الواصل والعالم العامل سيدي أحمد ابن
عطاء الله السكندري رضي الله عنه:
يقول الصوفي الحكيم بلسانه القويم :
( إذا فتح لك وجها من التعرف فلا تبال معها إن قل عملك، فإنه ما فتحها عليك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك، ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك، و الأعمال أنت تهديها إليه، و أين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك )
فأقول وعلى الله تعالى القبول وغفران الذنوب :
- ما تعرّف اليك , الا في جمال ما قدّره بعلمه عليك.
- ما تعرّف اليك الا في قهره وجلاله من حيث وصف عبوديتك , ليصفّيك من بقايا أكدارك , ويشرق لك نهار أنوارك
- انّما تعرّف اليك في أوصاف جلاله , ليشهدك قهر ألوهيته , وعظمة ربوبيّته.
- بقدر تعرّفه اليك في أوصاف قهره وجلاله , تكون معرفتك به في تعرّف حسن جماله , وبقدر فهمك عنه فيهما يفيض عليك من بحر كماله .
- انّما كان التعرّف اليك في أوصاف جلاله , ليردّك بذلك الى وصف عبوديّتك , ومعرفة حدود هويّتك
- انّما تعرّف اليك في أوصاف جلاله , ليسلب منك مراداتك , ويقطع عنك وهم خيالاتك .
- ما تعرّف اليك الا في سلبه لوصفه منك أن تدّعيه في قهره وجلاله , ليتعرّف اليك في كلّ شيء , فلا ترى لغيره قدرة ووجودا , ولا لسواه جودا وشهودا .
- متى تعرّف اليك في أوصاف قهره وجلاله , فليحقّقك بأوصاف عبوديتك , ومتى تعرّف اليك في جماله فليثبت بذلك خصوصيتك , فمراده منك تحقيق العبودية , لا شهود الخصوصية .
- لو كان مراده منك اذا فتح لك وجهة من التعرّف كثرة الأعمال لما فتحها لك , اذ أنّ الأعمال لا توصل اليه , ولا تزيدك فيما أورده من التعرّف اليك .
- لو كان تعرّفه اليك في غير أوصاف قهره وجلاله , لظهرت أوهام دعواك , وخاب مسعاك .
- ما تعرّف اليك في أوصاف جلاله , الا وهو يريد أن يدوم اقبالك عليه في شهودك حاضرا , وفي مراقبتك أنّه عليك قادرا .
- انّما تعرّف اليك في أوصاف قهره لتفرّ من دعاويك اليه , فأراد أن يدلّك عليه بما شهدته منه من التعرّف , لا بما هو صادر منك من العمل والتصرّف .
- انّما كان التعرّف هو مورده عليك , لأنّه محال أن تعرّفه اليك جلائل الأعمال , أو تقرّبك منه جاذبات الأحوال .
- متى رأيت أعمالك بالتي توصلك اليه , فلأنّك شهدتها من نفسك صادرة , وأنّها بكثرتها أضحت عندك قادرة .
- متى فتح لك وجهة من التعرّف فمن باب فضله وعطائه , ومنّه ونعمائه , فأراد منك شكر النعمة , لا بما تشهده منك من كثرة الحرص والخدمة .
- لو لا أنّه تعرّف اليك في أوصاف قهره وجلاله , لما لاطفك بمدد الأنوار , ولا قرّبك ببدائع شوارق الأسرار.
- لو كان ما أورده عليك من التعرّف مقابلا لأعمالك , لما أورد عليك شيئا , اذ أن عملك صادر من لؤم أوصافك , وما أورده عليك من جود أوصافه , وأين أوصافك من أوصافه حتى تكون الأعمال توصلك اليه , أو تقبل في وصفها بين يديه .
- العمل الذي يوصل اليه حين تعرّفه اليك , ما أهديته من قبول لموارد تعرّفاته اليك , ورضاك وتسليمك في جمال قهره عليك .
- الأعمال متى سرت فيها أنوار محبّتك , وروح شكر نعمتك , جذبتها أوصافه اليه , وزيّنتها بنورها هديّة بين يديه
- أعمالك متى نسبتها لنفسك لم تدلّك عليه مهما عظمت في نظرك , ومتى شهدتها من باب فضله لم تدلّك الا عليه مهما قلّت في نظر غيرك.
- قد يتعرّف اليك في غضب جلاله ليردّك الى تقييد أسمائه , وقد يتعرّف اليك في جمال جلاله ليرجعك الى تحقيق صفاته , ومتى تعرّف اليك في جلال جماله فليفنيك في بحر ذاته , ويبقيك به في صورة أسمائه وصفاته .
- انّما تعرّف اليك في أوصاف قهره وجلاله ليدخلك الى بحر فنائه , وتعرّف اليك في حسن جماله ليخرجك الى عالم بقائه , فالأوّل لتحقيق ما أراده منك من العبودية , والثاني ليشهدك ما منّ به عليك من عطايا الخصوصيّة .
) - كلّ من عليها فان ) تعرّفه اليك بقهره وجلاله - ( ويبقى وجه ربّك ( تعرّفه اليك في جماله , فما فتح لك وجهة من التعرّف الا ليفنيك عنك في جلاله , ويبقيك به في أوصاف جماله مع شهودك في كلّ ذلك لجلاله لذا قال ( ذو الجلال والاكرام ) أي بعد البقاء .
وجهة التعرّف مستثنى يعبدون ***** قال الترجمان معنى يعرفون
في كلّ وجهة فتح لك باب ******* تعرّفا اليك جاء المرسلون
تعرّف اليك بوجه لا فناء ******* جمال في جلال عكس يأمنون
تعرّف جلال قهر للعبيد ******* تجلّي بالتوحيد فاز المؤمنون
عملك اسم معلول صفات ****** لو رحمة هيهات هديّة يقبلون
تعرّف اليك ذات وأسماء******* طريقه صفات في لحظة ينفون
بين اسم وذات -ال-صفات***** لسالك صراط بجذب يشهدون
وبالله التوفيق والسلام
0 التعليقات:
إرسال تعليق