بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على النبيّ الحبيب وآله وصحبه
وبعد :
يقول الإمام الواصل والعارف الكامل سيدي بن عطاء الله السكندري رضي الله عنه في الحكمة العاشرة :
( الأعمال صور قائمة وأرواحها وجود سرّ الإخلاص فيها )
فأقول وعلى الله تعالى التيسير والقبول :
- الأعمال في ظاهرها قائمة صورها برسم العلم , وقيام نوره بوجود سرّ الإخلاص في باطنها .
- إنّما أمرك بالإخلاص لأنّه جوادك في السير إليه , ومتى كوشفت بسرّه أزال لك الحجاب بين يديه .
- أراد منك الإخلاص في أعمالك كلّها , ليقطع نظرك عن ملاحظة الأكوان , ويغيبك في سرّه في مقام العيان .
- أمرك بالإخلاص ليديم عليك مراقبته , و بوجود سرّه آنسك في مشاهدته , سرّ الإخلاص ( أن تعبد الله كأنّك تراه ) والإخلاص ( فإن لم تكن تراه فإنّه يراك )
- تحقّقك بالإخلاص سلوك منك في أنوار صفاته , وتحقّقك بسرّه عروج منك الى حضرة ذاته .
- قيام العارف بالأعمال في رسم العلم بقاء , ووجود سرّ إخلاصه فيها فناء , فكلّما تحقّق سرّ إخلاصك في فنائك , أرجعك في حلية العلم به الى عالم بقائك .
- ما أمرك بالإخلاص في أعمالك إلا ليسري نور توحيده فيها , فلا تدلّك إلا عليه , ولا ترتضي لك مقاما غير الوقوف بين يديه ( إنّما يتقبّل الله من المحسنين )
- متى رزقك سرّ الإخلاص أسرع بك عملك إليه , ومتى منعك كبا بك جواده .
- متى شهدت إخلاصك بأنه منك صدر صارت نسبة الأعمال إليك , فأنخسف قمر توحيدك , وظهرت دعاوي تجريدك .
- متى خلا عملك من وجود سرّ الإخلاص فيه صار إعتمادك عليه , فأوجبت عليه حقوقا , وهو لا يجب عليه شيء .
- لولا حصول فضله بوجود سرّ الإخلاص لما وصل سالك إليه , ولا تحقق عارف بمعرفته بين يديه .
- الإخلاص متى نسبته إليك كان من جملة أعمالك فلا يدلّك فيها إلا على الحظوظ , ومتى نسبته إليه كانت أعمالك من جملته فلا يدلّك فيها إلا على مقام الشهود .
-لا يتحقّق بمعاني الإخلاص إلا من صحّح الفقر إليه , ولا يشرق سرّه إلا لمن إعترف بالعجز بين يديه , ( إيّاك نعبد ) فقر إليه ( وإيّاك نستعين ) عجز بين يديه .
- شهودك لإخلاصك من غير عمل , دعوى لظهوره في غير محلّ , فكثر عنادك , وظهر إلحادك .
- إنّما جعل لك الأعمال ظاهرة في رسوم العلم , و جعل باطنها في أنوار الفهم , كي لا تخرج عن وصف عبوديتك , وتتجاوز أحكام هويّتك .
- متى أجاز لك الرخصة في الأعمال فمن حيث ظاهر بشريتك , لا من حيث باطن حقيقتك , فالعزائم لا تنفكّ عنك في أعمالك القلبية , وشؤونك الغيبية ( السابقون السابقون أؤلائك المقرّبون ).
–الأعمال لا تفارقها النيّة لذا جعلها محلاّ لوجود
الإخلاص , كي يرافقك وجوده في جميع أعمالك , فلا تسير بك إلا إليه , ولا تزيغ بك
دون الوقوف بين يديه .
- إخلاص العارف قطع نظره عن جملة الأكوان , والغيبة بسرّه عن نفسه في مقام الإحسان .
- السالك متى رجع الى شهود إخلاصه عوقب بوجود طلب الأعواض , ونودي عليه بلسان البعاد (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)
- إخلاص العارف قطع نظره عن جملة الأكوان , والغيبة بسرّه عن نفسه في مقام الإحسان .
- السالك متى رجع الى شهود إخلاصه عوقب بوجود طلب الأعواض , ونودي عليه بلسان البعاد (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)
- أعلمك بتخليصه لك على لسان محلّ الغواية , كي يدلّك على نسبة إخلاصك إليه , فتبرأ منه بين يديه , وإلا فمتى أوكله إليك , حلّت فتن الغواية عليك ( لأغوينّهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )
- ( قل إعملوا فسيرى الله عملكم ) من حيث وجود سرّ الإخلاص فيه ( و رسوله ) من حيث نور العلم بالإتّباع فيه ( والمؤمنون ) من حيث الدلالة عليه , والوقوف بهم بين يديه .
- ما تحقّق دالّ عليه وموصل إليه بسرّ الإخلاص إلا ونادت حقيقته ( ما أسألكم عليه من أجر ) من كثرة تحقّقه في مراقي أنوار صفاته , وشهود منّته بزوال حجاب ذاته .
قيام ظاهر أعمال لنا صور ***** رسوم علم من منقول وخبر
أرواحها إخلاص لمن نظر***** إشراق نور سرّه يا من شكر
علّة أجساد بقاء في حضر***** رخصة في العلم وفي سفر
في إخلاص علّة منك حظر**** كظلم شرك منك كان كبر
أعمالنا جزاء نعمة لذا أمر****بإخلاص دنيا وأخرى فيها نهر
حاشا إلتفات منك ببصر **** بلا غير أضحى توحيد مثل قمر
0 التعليقات:
إرسال تعليق