إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

شرح الحكمة السابعة : " لا يشكّكنّك في الوعد عدم وقوع الموعود به وان تعيّن زمنه لئلا يكون ذلك قدحا في بصيرتك واخمادا لنور سريرتك "

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على المختار في القدم وآله وصحبه أولي الهمم

أما بعد :

فهذا ان شاء الله تعالى شرح الحكمة السابعة من حكم العالم الهمام والحبر الفهّام مولانا الشيخ سيدنا ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه التي قيل فيها :" كادت أن تكون حكم ابن عطاء الله وحيا " وحقّ لها ذلك فانها والله كذلك فانّ مشرب هذا الامام مشرب عظيم فلله درّه ما أرقّ لبّه وأنشر سرّه .


يقول الحكيم الصوفي رضي الله عنه :

( لا يشكّكنّك في الوعد عدم وقوع الموعود به وان تعيّن زمنه لئلا يكون ذلك قدحا في بصيرتك واخمادا لنور سريرتك  )

فأقول وعلى الله تعالى السداد والقبول :

-
ما وعدك الا فتحا لك لباب محاب حضرته اليك , وما ساق لك الموعود به الا من منّة خزائن فضله عليك .

-
مطلبه منك السكون الى وعده السابق اليك , لا الاطمئنان الى الموعود به لاحقا فتحجب به عليه .

-
وعدك وأعلمك أنّه لا يخلف الميعاد , ليثبّت بذلك يقينك , ويقيك من مداخل قرينك .

-
متى أطلعك على زمن الموعود به ولم يقع في الوقت المعيّن , فانّما أراد بذلك اختبار تصديقك بوعده بين يديه , ومدى يقين قلبك في التوكّل عليه .

-
متى سكن قلبك اطمئنانا بوعده حلّ عليك الموعود به في جمال حسن اختياره , و حكمة أقداره .

-
ما عاينته من زمن وقوع الموعود به انّما عاينته من حيث نور بصيرتك , واشراق فهم سريرتك , فما عاينته الا بحسب ما علمته , فمتى تخلّف زمنه انّما تخلّف من حيث قصور نفوذ بصيرتك , وخمود نور سريرتك

-
وعده لك لا يتغيّر تعيين زمانه من حيث ألوهية ذاته , وانّما التبس الأمر عليك لتلوّن الموعود به في أحكام أسمائه وصفاته .

-
متى أطلعك على زمن الموعود به انّما أطلعك عليه من حيث علمك أنت لا من حيث علمه هو به ( والله واسع عليم ) .

-
انتظارك زمن حلول الموعود به وترقبك له , من علامات سكون قلبك اليه , فكثر اغترارك , وخمدت أنوارك .

-
العارف من متى لم يقع الموعود به في الزمن المعيّن اتّهم تقصيره , وكسوف شمس تفسيره ( قد بيّنا الآيات لقوم يوقنون ).

-
من علامات تشكّكك في الوعد زيادة يقينك فيه عند وقوع الموعود به في الزمن المعيّن .

-
وعدك وأشار لك الى وسع علمه فيما وعدك به , كي لا يحجبك عنه بما به وعدك .

-
متى وقفت مع باطن الوعد دون الأدب مع ظاهره , أدّبتك أسماؤه وصفاته , ومتى وقفت مع ظاهره دون معاينة باطنه , أسدل عليك حجابه , وردّك الى بابه .

-
لو أدركت حقيقة الوعد لكان عدم وقوع الموعود به وان تعيّن زمنه دلالة لك على حسن اختياره , وتسليم منك لخفايا أسرار أقداره .

-
الوعد ليس هو عين الموعود به , فتصديقك صدر منك لوعده لك , لا لما به وعدك .

-
عيّن لك زمن الموعود به في لطائف أنواره متى وقفت معها , ومتى اخترقت عاينت صدق وعده لك في جميع تجلّيات أسراره .

-
بحسب تصديقك لوعده لك , يكون مستوى فهمك عنه في الموعود به .

-
متى فهمت عنه في وعده لك , حلّ عليك الموعود به مرفوقا بلطائف أنواره , ومغمورا بمحاسن اسراره .

-
فرحك بالموعود به بحظّ نفسك يفضي بك الى الاغترار به ( وغرّهم في دينهم ما كانوا يفترون).

-
الوعد وعدان : وعد سابق , ووعد لاحق: 
الوعد اللاحق : تمكينه لك في أنوار تجلّيات أسمائه وصفاته في هذه الدار , والوعد السابق : تجلّيه عليك بكمال جمال ذاته في دار القرار.

-
فهمك لوعده لك يدلّك من حيث ايمانك على الأجور , ومن حيث ايقانك على تدفّق النّور , ومن حيث احسانك على مزيد الشكور.

-
العارف لا ينظر الى الوعد من حيث حظوظه فيه , وانّما من حيث حقوق الله فيه عليه - قال عليه الصلاة والسلام في بدر:" اللهم نصرك الذي وعدتني , انّك ان تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض بعد اليوم "

-
العارفون يطلبونه , والوعد يطلبهم ( رضي الله عنهم ورضوا عنه .                                      


كان وعد ربّي حقّا لا يحولا ***** ثابت الكتاب صادقا مفعولا

محال في مطلق الصدق قيلا **** خلف وعد يا قارىء التنزيلا

زمانه ما رأيت قد خلف ****** محو لوح من اثبات فصف

بصدق وعد طرف لا يرفّ *****على الموعود عين لا تقف

موعوده رسول صدق وعده **** حسّا يأتي ومعنى من بعده

خلف حسّه قد معناه يحلّ ***** في الوقت يا من نوره أفل

سكونك لأصل مخرج فرعه *** تشكّك فروع ليس بجموع
********

قد جمعت ما سبق من الحكم من حيث الدلالة على الله تعالى في هذه الشبه حكمة :

-
دلّك عليه بالعمل الذي يقبل لديه , دلّك عليه باقامته ايّاك في الأسباب والتجريد في القصد اليه , دلّك عليه بسوابق الهمم رفعا بك اليه , دلّك عليه بحسن اختياره وتدبيره لديه , دلّك عليه بما ضمنه لك من الرزق ليدوم اقبالك عليه , دلّك عليه بتعدّد نعمائه وجزيل عطائه لفقرك اليه , دلّك عليه بدعائه وسؤاله المجاب لديه , دلّك عليه بوعده لك الحاضر بين يديه .

وبالله التوفيق .

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È