إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

" أدفن وجودك في أرض الخمول فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه "

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على حبيب الله وآله وصحبه
 
الحمد لله حبيب السالكين ومحب العارفين وبعد :

فنواصل إن شاء الله شرح الحكم :

يقول العالم الهمام , العارف الفهّام سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه :

( أدفن وجودك في أرض الخمول فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه )


فأقول وعلى الله تعالى القبول :

-
الخمول دفن سرّ الخصوصية في أوصاف البشرية .

-
الخمول تجريد النفس من دعاويها , ومحو آثار معانيها .

-
متى رمت ظهور خصوصيتك , وبروز نجوميتك , فقد جمعت الخلق عليك , وأوقفتهم عبيدا بين يديك .

-
حقيقة الخمول إفراد وجهتك إليه , ومحو وجودك بالكلية بين يديه .

-
متى أهّلك للظهور فبما حقّقك به من أوصاف العبودية , وأنعم به عليك من أفضال الخصوصية .

-
العارف متى أشير إليه عند ظهوره , لا يستشعر غير أوصاف عبوديته , وتمام حقيقته , قال تعالى : ( فأشارت إليه ...قال إنّي عبد الله ) فما نسب ظهوره إلا إليه , وما نطق لسانه إلا به بين يديه .

-
دفن وجودك في أرض الخمول لا يتحقق بغير فناء صفاتك في صفاته , وتلاشي وجودك بما تشهده من عظمة ذاته .

_
من علامات الإذن في الظهور وجود التأييد فيه , فما كلّ ظهور صاحبه تأييد ( والله متم نوره ولو كره الكافرون ) بما تراه في قلوب عبيده , من إشراقات توحيده .

-
ما نبتت شجرة مثلما نبتت شجرة العبودية في أرض الخمول , فتجمّلت ألوانها , وأثمرت أغصانها ( أصلها ثابت وفرعها في السماء ).

-
إنما أظهرك بما أبطنته من لطائف محبته , ونسائم نفحات حضرته , فجعلك دليلا عليه , وهاديا مرشدا بين يديه .

-
خمول الأسرار أن تلاحظها صافيات الأنوار ( السابقون السابقون أولائك المقرّبون).

-
الخمول أرضه معنوية , وغراسها عبودية ( فيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ) فما أعادك فيها إلا لتحقيق أوصاف عبوديتك , وما أخرجك منها إلا في حلية خصوصيتك .

-
الخمول لا يكون حقيقة إلا عند معاينة وجودك الحادث بين عدمك ووجوده .

-
محبة الظهور فرار من العبودية الى الإتصاف بأوصاف الخصوصية , ومحبة البطون هروب من الخصوصية الى الإتصاف بأوصاف العبودية , فالأول من الفقد الى الوجدان , والثاني من الوجدان الى الفقد , والعارف من لا يجد ولا يفقد .

-
من علامات دفن وجودك في أرض الخمول , أن لا تشهد غير ظهور صفاته , فلا تدلّ إلا عليه , ولا توقف أحدا من العباد إلا بين يديه .

-
محبة الظهور من الشهوة الجلية ( منكم من يريد الدنيا ) ومحبة البطون من الشهوة الخفية ( ومنكم من يريد الآخرة ) قال تعالى ( ومن يتبع الشهوات فسوف يلقى غيّا ).            

-
الظهور والبطون له لا لك فهو الظاهر والباطن , فمتى تنسب الظهور أو البطون إليك , وقد إضمحلّت صفاتك في تجلي صفاته , وتلاشت ذاتك في بروز عظمة ذاته .

-
إنما أظهرك في حلية أسمائه لتدل الخلق عليه ( وما محمد إلا رسول ) وأبطنك بما أفناك في صفاته ليدوم إقبالك عليه ( يا أيها النبي إتّق الله ) فلا تقصد بابا غير بابه , ولا لك إناخة إلا على أعتابه .

-
ما أظهرك في الأرض إلا ليتم ذكره فيها , لا ذكرك فيها ( وقال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه ) فما أظهره إلا تأييدا للدّال عليه , ونصرة للدّاعي به إليه .

-
لو كانت عبوديتك قويمة , وخصوصيتك ذات قيمة , لكانت شموس توحيده فيك مشرقة , وأسرار تفريده لك محرقة , فأظهرك بدلالة حالك عليه ( لي وقت لا يسعني فيه غير رّبي ) وبأنوار أقوالك التي لا توصل إلا إليه ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ).                       

-
لا تظهر إلا في الحلية التي كساك إيّاها , لتكون لمراده موافقا , ولأوصاف عبوديتك مرافقا .

-
العبودية إقبالك عليه , والخصوصية إقباله هو عليك , فأين إقبالك من إقباله حتى تدّعيه , أو أن تظهر فيه .

-
محبة الظهور دليل على وجود بقايا السوى في زوايا النفس .



إسمع فنّي وخذ عنّي يا فتى ____ جميل قول بإخلاص ووفاء

ظهور صيت قصد هوى ____ حقيق شرك ظلمات ورياء

خمول ذكر حتما في الورى ____ أصل في سلوك يا من سرى

قال سبحان الذي بعبده أسرى____ تنبيها لك وتجريد عن السوى

ظهور غير إذن يا من نوى _____ دسيس نفس بعذاب وشقاء

ليس الظهور تبليغ علم ومعنى ___ بل تخصيص نفس بمزايا وثناء

أسلم للفتى شرع أمر ونهى _____ وإقبال خير بمخاف ورجاء

سلم من علّم القرآن وروى _____ حديث خير الخلق المصطفى

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

2 التعليقات:

  1. بارك الله فيك. هذا من افضل ما كتب في التجريد. من اكثر الاقوال المنيرة في هذه الرسالة:

    التجريد مقام الأكابر {قال انك لن تستطيع معي صبرا}.

    اقامته اياك في التجريد قبول منه لك فكن مع قبوله لا مع تجريدك {فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا}.

    أقامك في مقام الكمال في أول قدم فنهاية المتجردين الرجوع الى الأسباب {فشدي اليك بجذع النخلة}.

    أقامك في الأسباب متعرفا اليك فيها فلا تنزل الى سماء الحظوظ. طلبك له لا يفوت بأسباب ولا يحصل بتجريد فما جرت به قسمته أجراه عليك بأسبابه.

    التجريد والسبب متساويان من حيث نظره لا من حيث نظرك ومن حيث قربه منك لا من حيث قربك منه.

    ما أقامك في شيء الا وحلّت فيه أنواره وبركته عليك فحصدت ثماره وعطّرتك أزهاره.

    جزاك الله خيرا.

    ردحذف
  2. لا أوحش الله منك ياسيدنا

    ردحذف

È