بسم الله الرحمان الرحيم العليّ العليم العظيم الكريم
والصلاة والسلام على الفتى الرباني الأوحد الصمداني سيدنا ومولانا محمد رسول الله وآله وصحبه أجمعين .
أمّا بعد :
فالكثير من الناس قد يلتبس عليهم تعريف العلم وكذلك تعريف الجهل , والذي يجب أن يعوّل عليه أنّ جميع التعريفات متى لم يكن مصدرها ودليلها من الكتاب والسنّة فلا يعتدّ بها ولا يلتفت إليها إلاّ متى وافقت الكتاب والسنّة ( إذن فهي منه ) كما قال عليه الصلاة والسلام ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ ) أنظر قوله : ( ما ليس منه ) فليس الإنكار في حدّ ذاته على من أحدث أمرا و إنّما الإنكار متى كان ذلك الأمر ليس من الدين ولا تدلّ عليه مفاهيمه أمّا متى كان منه فلا حرج بدليل قوله : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه ) أي فكأنّه يقول : ( من أحدث في أمرنا هذا ما هو منه فليس هو ردّ ).
فليس النكران على الحدوث وإنّما الإنكار وقع على ( ما ليس منه ) ومن هنا قال العلماء بوجود البدعة الحسنة التي نصّ عليه خليفة المسلمين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وقد فصّل الأمر في ذلك سلطان العلماء سيدي العزّ بن عبد السلام رحمه الله تعالى ورضي عنه وغيره رضي الله عنهم أجمعين .. هذا ليس موضوعنا .. فنعود لأقول :
أكثر الناس اليوم في زماننا هذا تعريفهم وفهمهم للعلم قاصر لا يؤدّي المطلوب ولا يقف على حقيقة الأشياء وسنفصّل أمر العلم والجهل بالمتاح من العلم ( ربّنا لا علم لنا إلاّ ما علّمتنا إنّك أنت العليم الحكيم ).
الذي يجب أن يعلم بداية أنّ العلم له بداية وله وسط وله نهاية ( وأنّ إلى ربّك المنتهى ), كما قال ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه في حكمة من حكمه ( وصولك إلى الله هو وصولك إلى العلم به ... ) وهذا الوصول من حيث هو وصول ليست له نهاية من حيث العلم كما قال تعالى لسيّد المرسلين صلى الله عليه وسلّم ( وقل ربّ زدني علما ).
وكما قال شيخنا إسماعيل رضي الله عنه في مناجاته مرآة الذاكرين ( إلهي إنّ كمال العارف بداية الكمال والوصول إلى نهاية نوالكم درجة لا تنال ... ) .
بداية العلم : هو قوله تعالى ( إقرأ بإسم ربّك الذي خلق ) أي إقرأ بالإسم الذاتي الجامع الذي لا يدلّ إلا على الله تعالى فمتى قرأت بغير هذا الإسم وهو قولنا ( اللـــــــــــــــــــــــــــه ) فما هي بقراءة ولا تنتج علما بل تنتج جهلا فكلّ من لم يقرأ بالإسم الجامع في عرف العارفين فهو جاهل عندهم كان من كان ...
قال تعالى : ( الرحمان علّم القرآن ) ثمّ قال ( خلق الإنسان علّمه البيان ) وعليه فهمنا أنّ تعليم القرآن الذي ما فرّط الله تعالى فيه من شيء ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) يكون بداية تعليمه من مستوى إسمه ( الرحمان ) وهو الإسم الذاتي الثاني , قد يسأل سائل : ما الفرق بين القراءة و بين التعليم ؟
الجواب : القراءة هو قوله تعالى ( إقرأ بإسم ربّك الذي خلق ) أمّا التعليم فهو قوله تعالى ( ... الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم ) فنجد هنا : قراءتين وتعليمين : القراءة الأولى هو قوله تعالى ( إقرأ بإسم ربّك ) والقراءة الثانية هو قوله تعالى ( إقرأ وربّك الأكرم ).
أمّا التعليم الأوّل فهو قوله تعالى ( الذي علّم بالقلم ) والتعليم الثاني قوله تعالى ( علّم الإنسان ما لم يعلم ).
قال تعالى : ( الرحمان علّم القرآن ) هذا التعليم الأوّل ثمّ قال ( خلق الإنسان علّمه البيان ) وهو التعليم الثاني.
فنجد في السورة الأولى الأمر صعودي أي قراءة ثمّ قراءة ثمّ تعليم ثمّ تعليم و في السورة الثانية تعليم ثمّ تعليم , فكانت سورة العلق للمبتدئين الذين أوذنوا بذكر الإسم المفرد فكأنّ الله تعالى يقول لهم : ( إقرأ بإسم ربّك الذي خلق ) أي إقرأ بإسمي كي أعرّفك بي في عالم الأكوان والخلق , ثمّ إقرأ بإسمي في عالم الملكوت والنور وهو مجال الكرم , ثمّ قال ( ... الذي علّم بالقلم ) أي بداية ثمّ نهاية .
قال ( علّم الإنسان ما لم يعلم ) بعد القراءة وهو علوم الوهب كما قال تعالى للملائكة ( قال إنّي أعلم ما لا تعلمون ) فكأنّه تعالى يقول لهم : ( إني أعلم ما لا تعلمون فيما تعلمون ) وليس المراد بأنّه يقول لهم إنّي أعلم ما لا تعلمون بأنّه يقارن نفسه سبحانه بهم بل يعلم ما لا يعلمون فيما يعلمون لذا قالوا ( سبحانك لا علم لنا ) أي من شؤون آدم الخليفة ( إلاّ ما علّمتنا ) ممّا قلناه من حيث كشفنا وفراستنا فيه , فالموضوع مقيّد فيما صدر فيه الإخبار ودليل هذا قوله تعالى لهم بعد أنّ علّم آدم الأسماء كلّها قال تعالى ( قال ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) أعلم ما تبدون من العلم وما كنتم تكتمون منه ممّا لا يفي بالغرض.
فأشار لهم أنّ علوم الخلفية هي هذه التي جهلتموها ودليل هذا أنّ الذي تكلّمت فيه الملائكة هو من الغيب في السماوات والأرض بعد أن أخبرت بافساد آدم وذريته وسفكهم للدماء قبل تمام خلقه فقد علمت الملائكة هذا بمجرّد الإخبار بجعل آدم خليفة في الأرض كي تعلم يا وليّ أنّ الله تعالى متى كشف لك عن غيب من غيوبه ولو في المنام فأنت تعلم وجها فيه وليس لك الإحاطة فيه فقد كوشفت الملائكة بجانب غيبي في هذا الخليفة ولكنها ليس في علمها كلّ الجوانب الأخرى.
وهكذا كي تعلم أنّ الله بكلّ شيء عليم وإنّما أخبرهم بصفة الإحاطة كي يعطيهم أنّ حقيقة العلم الذي يصلح أن يحتجّ به يجب أن تكون ظاهرة وباطنة في جميع ذرّات سريان الأزمان والأمكنة على وجه الإطلاق ... وهذا من إختصاص الله تعالى كما قال تعالى ( وما أؤتيتم من العلم إلاّ قليلا ) وإنّما يصحّ صدقك فيما تخبر به متى كنت مخلصا فيه ليس لتحاجج به وإنّما كي تغار لجناب التوحيد أن يثلمه أحد متى كنت من جند الله تعالى.
فقوله تعالى ( وأعلم ما تبدون ) من الظاهر الذي ظهر في كشفكم وعلمكم ( وما كنتم تكتمون ) من الباطن الذي سيعلّمكم إياه آدم , فإبليس لعنه الله تعالى كان ممّا يكتمه من الغيب الذي هو فيه ولا يعلمه ما فعله وأساء الأدب فيه , فلن يظهر منك يا بني آدم إلاّ ما علمه الله تعالى فيك وإنّما تخرج من الغيب المتعلّق بك ممّا في باطنك من الذي كنت تكتمه عن نفسك ولا تدريه لذا كانت صفة النفس هي الجهل ويعلمه الله منك وفيك.
بخلاف السورة الثانية فهي للعارفين بما أنّ مجالها تعليمي في مرتبتين : مرتبة أولى أصلية ونعني بالأصلية هو دوام نزول القرآن بمعنى عدم تناهي معلوماته بحسب كلّ تجلّي وفي كلّ وقت ومكان لذا قرن التعليم هنا بفعل إسمه الرحمان ومن بعضه كما يقولون ( هذا وارد رحماني ) فهو من علوم القرآن التي علّمها الرحمان ثمّ مرتبة ثانية نازلة كي تتحدّ السورتان وينقلب المشهدان فيصبح السلوك جذبا والجذب سلوكا لقوله تعالى (هل تَرَىَ فِي خَلْقِ الرّحْمَـَنِ مِن تَفَاوُتِ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىَ مِن فُطُورٍ ثُمّ ارجِعِ البَصَرَ كَرّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ ).
بعد هذا التمهيد الوجيز ندخل إن شاء الله تعالى في الموضوع المقصود وهو بيان مرتبة العلم وحقيقته وهو العلم النافع وهو العلم في مرتبة القلب وهو النور ثمّ نبيّن خلالها حيل إبليس لعنه الله تعالى في بثّ الجهل في القلوب لقوله ( لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ) أي وسط الصراط الذي هو ( القلب ) .
كي تعلم علم إبليس لعنه الله تعالى بالأمور فإنّي رأيت غالبية الأمّة الإسلامية اليوم جاهلة جهل قلوب لذا اتّبعت الشياطين في كلّ شيء لأنّ الدجّال آخّر خروجه إلى وقت جهل القلوب كي يتحقّق له الظاهرية التي لا يمكن نجاحها إلاّ بفصل الروح عن العقل ولا يكون هذا إلاّ بتجهيل القلب أكتب كلّ هذا حرصا على أمّة التوحيد أن تجهل دينها لقوله تعالى ( ... ورابطوا لعلّكم تفلحون )
يتبع إن شاء الله تعالى ...
والصلاة والسلام على الفتى الرباني الأوحد الصمداني سيدنا ومولانا محمد رسول الله وآله وصحبه أجمعين .
أمّا بعد :
فالكثير من الناس قد يلتبس عليهم تعريف العلم وكذلك تعريف الجهل , والذي يجب أن يعوّل عليه أنّ جميع التعريفات متى لم يكن مصدرها ودليلها من الكتاب والسنّة فلا يعتدّ بها ولا يلتفت إليها إلاّ متى وافقت الكتاب والسنّة ( إذن فهي منه ) كما قال عليه الصلاة والسلام ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ ) أنظر قوله : ( ما ليس منه ) فليس الإنكار في حدّ ذاته على من أحدث أمرا و إنّما الإنكار متى كان ذلك الأمر ليس من الدين ولا تدلّ عليه مفاهيمه أمّا متى كان منه فلا حرج بدليل قوله : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه ) أي فكأنّه يقول : ( من أحدث في أمرنا هذا ما هو منه فليس هو ردّ ).
فليس النكران على الحدوث وإنّما الإنكار وقع على ( ما ليس منه ) ومن هنا قال العلماء بوجود البدعة الحسنة التي نصّ عليه خليفة المسلمين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وقد فصّل الأمر في ذلك سلطان العلماء سيدي العزّ بن عبد السلام رحمه الله تعالى ورضي عنه وغيره رضي الله عنهم أجمعين .. هذا ليس موضوعنا .. فنعود لأقول :
أكثر الناس اليوم في زماننا هذا تعريفهم وفهمهم للعلم قاصر لا يؤدّي المطلوب ولا يقف على حقيقة الأشياء وسنفصّل أمر العلم والجهل بالمتاح من العلم ( ربّنا لا علم لنا إلاّ ما علّمتنا إنّك أنت العليم الحكيم ).
الذي يجب أن يعلم بداية أنّ العلم له بداية وله وسط وله نهاية ( وأنّ إلى ربّك المنتهى ), كما قال ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه في حكمة من حكمه ( وصولك إلى الله هو وصولك إلى العلم به ... ) وهذا الوصول من حيث هو وصول ليست له نهاية من حيث العلم كما قال تعالى لسيّد المرسلين صلى الله عليه وسلّم ( وقل ربّ زدني علما ).
وكما قال شيخنا إسماعيل رضي الله عنه في مناجاته مرآة الذاكرين ( إلهي إنّ كمال العارف بداية الكمال والوصول إلى نهاية نوالكم درجة لا تنال ... ) .
بداية العلم : هو قوله تعالى ( إقرأ بإسم ربّك الذي خلق ) أي إقرأ بالإسم الذاتي الجامع الذي لا يدلّ إلا على الله تعالى فمتى قرأت بغير هذا الإسم وهو قولنا ( اللـــــــــــــــــــــــــــه ) فما هي بقراءة ولا تنتج علما بل تنتج جهلا فكلّ من لم يقرأ بالإسم الجامع في عرف العارفين فهو جاهل عندهم كان من كان ...
قال تعالى : ( الرحمان علّم القرآن ) ثمّ قال ( خلق الإنسان علّمه البيان ) وعليه فهمنا أنّ تعليم القرآن الذي ما فرّط الله تعالى فيه من شيء ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) يكون بداية تعليمه من مستوى إسمه ( الرحمان ) وهو الإسم الذاتي الثاني , قد يسأل سائل : ما الفرق بين القراءة و بين التعليم ؟
الجواب : القراءة هو قوله تعالى ( إقرأ بإسم ربّك الذي خلق ) أمّا التعليم فهو قوله تعالى ( ... الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم ) فنجد هنا : قراءتين وتعليمين : القراءة الأولى هو قوله تعالى ( إقرأ بإسم ربّك ) والقراءة الثانية هو قوله تعالى ( إقرأ وربّك الأكرم ).
أمّا التعليم الأوّل فهو قوله تعالى ( الذي علّم بالقلم ) والتعليم الثاني قوله تعالى ( علّم الإنسان ما لم يعلم ).
قال تعالى : ( الرحمان علّم القرآن ) هذا التعليم الأوّل ثمّ قال ( خلق الإنسان علّمه البيان ) وهو التعليم الثاني.
فنجد في السورة الأولى الأمر صعودي أي قراءة ثمّ قراءة ثمّ تعليم ثمّ تعليم و في السورة الثانية تعليم ثمّ تعليم , فكانت سورة العلق للمبتدئين الذين أوذنوا بذكر الإسم المفرد فكأنّ الله تعالى يقول لهم : ( إقرأ بإسم ربّك الذي خلق ) أي إقرأ بإسمي كي أعرّفك بي في عالم الأكوان والخلق , ثمّ إقرأ بإسمي في عالم الملكوت والنور وهو مجال الكرم , ثمّ قال ( ... الذي علّم بالقلم ) أي بداية ثمّ نهاية .
قال ( علّم الإنسان ما لم يعلم ) بعد القراءة وهو علوم الوهب كما قال تعالى للملائكة ( قال إنّي أعلم ما لا تعلمون ) فكأنّه تعالى يقول لهم : ( إني أعلم ما لا تعلمون فيما تعلمون ) وليس المراد بأنّه يقول لهم إنّي أعلم ما لا تعلمون بأنّه يقارن نفسه سبحانه بهم بل يعلم ما لا يعلمون فيما يعلمون لذا قالوا ( سبحانك لا علم لنا ) أي من شؤون آدم الخليفة ( إلاّ ما علّمتنا ) ممّا قلناه من حيث كشفنا وفراستنا فيه , فالموضوع مقيّد فيما صدر فيه الإخبار ودليل هذا قوله تعالى لهم بعد أنّ علّم آدم الأسماء كلّها قال تعالى ( قال ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) أعلم ما تبدون من العلم وما كنتم تكتمون منه ممّا لا يفي بالغرض.
فأشار لهم أنّ علوم الخلفية هي هذه التي جهلتموها ودليل هذا أنّ الذي تكلّمت فيه الملائكة هو من الغيب في السماوات والأرض بعد أن أخبرت بافساد آدم وذريته وسفكهم للدماء قبل تمام خلقه فقد علمت الملائكة هذا بمجرّد الإخبار بجعل آدم خليفة في الأرض كي تعلم يا وليّ أنّ الله تعالى متى كشف لك عن غيب من غيوبه ولو في المنام فأنت تعلم وجها فيه وليس لك الإحاطة فيه فقد كوشفت الملائكة بجانب غيبي في هذا الخليفة ولكنها ليس في علمها كلّ الجوانب الأخرى.
وهكذا كي تعلم أنّ الله بكلّ شيء عليم وإنّما أخبرهم بصفة الإحاطة كي يعطيهم أنّ حقيقة العلم الذي يصلح أن يحتجّ به يجب أن تكون ظاهرة وباطنة في جميع ذرّات سريان الأزمان والأمكنة على وجه الإطلاق ... وهذا من إختصاص الله تعالى كما قال تعالى ( وما أؤتيتم من العلم إلاّ قليلا ) وإنّما يصحّ صدقك فيما تخبر به متى كنت مخلصا فيه ليس لتحاجج به وإنّما كي تغار لجناب التوحيد أن يثلمه أحد متى كنت من جند الله تعالى.
فقوله تعالى ( وأعلم ما تبدون ) من الظاهر الذي ظهر في كشفكم وعلمكم ( وما كنتم تكتمون ) من الباطن الذي سيعلّمكم إياه آدم , فإبليس لعنه الله تعالى كان ممّا يكتمه من الغيب الذي هو فيه ولا يعلمه ما فعله وأساء الأدب فيه , فلن يظهر منك يا بني آدم إلاّ ما علمه الله تعالى فيك وإنّما تخرج من الغيب المتعلّق بك ممّا في باطنك من الذي كنت تكتمه عن نفسك ولا تدريه لذا كانت صفة النفس هي الجهل ويعلمه الله منك وفيك.
بخلاف السورة الثانية فهي للعارفين بما أنّ مجالها تعليمي في مرتبتين : مرتبة أولى أصلية ونعني بالأصلية هو دوام نزول القرآن بمعنى عدم تناهي معلوماته بحسب كلّ تجلّي وفي كلّ وقت ومكان لذا قرن التعليم هنا بفعل إسمه الرحمان ومن بعضه كما يقولون ( هذا وارد رحماني ) فهو من علوم القرآن التي علّمها الرحمان ثمّ مرتبة ثانية نازلة كي تتحدّ السورتان وينقلب المشهدان فيصبح السلوك جذبا والجذب سلوكا لقوله تعالى (هل تَرَىَ فِي خَلْقِ الرّحْمَـَنِ مِن تَفَاوُتِ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىَ مِن فُطُورٍ ثُمّ ارجِعِ البَصَرَ كَرّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ ).
بعد هذا التمهيد الوجيز ندخل إن شاء الله تعالى في الموضوع المقصود وهو بيان مرتبة العلم وحقيقته وهو العلم النافع وهو العلم في مرتبة القلب وهو النور ثمّ نبيّن خلالها حيل إبليس لعنه الله تعالى في بثّ الجهل في القلوب لقوله ( لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ) أي وسط الصراط الذي هو ( القلب ) .
كي تعلم علم إبليس لعنه الله تعالى بالأمور فإنّي رأيت غالبية الأمّة الإسلامية اليوم جاهلة جهل قلوب لذا اتّبعت الشياطين في كلّ شيء لأنّ الدجّال آخّر خروجه إلى وقت جهل القلوب كي يتحقّق له الظاهرية التي لا يمكن نجاحها إلاّ بفصل الروح عن العقل ولا يكون هذا إلاّ بتجهيل القلب أكتب كلّ هذا حرصا على أمّة التوحيد أن تجهل دينها لقوله تعالى ( ... ورابطوا لعلّكم تفلحون )
يتبع إن شاء الله تعالى ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق