إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الاثنين، 11 نوفمبر 2013

أسئلة مخصوصة لسيدي علي الصوفي 25

بسم اللله الرحمان الرحيم-

السؤال التاسع عشر :

قلتم سيدي الفاضل ( قال لي شيخنا : لا بدّ لمؤوّل الرؤيا أن يكون عالما بعلوم وهي 11 علما ) والسؤال هو :

ما هي هذه العلوم المطلوب توافرها في مؤول الرؤى حتى يكون مفسرا بحق ويأخذ بكلامه ؟



الجواب والله ورسوله أعلم :

إعلم أخي علّمني الله وإيّاك من علمه المخزون , وأفاض علينا جميعا من مشارب سرّه المصون :

أنّ الرؤيا المنامية كما ورد في الحديث الشريف بأنّها وحي المؤمن وبأنّها من المبشّرات التي هي من أجزاء النبوّة وبأنّ منها الصالح وهي الرؤية الصالحة التي تكون من الله تعالى ومنها الحلم أو أضغاث أحلام الذي هو من الشيطان وقد ورد في الحديث بأن الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان.

والرؤية من حيث أنّها وحي منام فهي تنقسم إلى قسمين :

قسم خاص بالأنبياء والرسل وهو ما يقرّر أمرا أو نهيا أي أنّه يقرّر حكما شرعيا فلا سبيل لغير الأنبياء والرسل إلى هذا النوع من الوحي المنامي وهذا العلم خاصّ بالأنبياء والرسل كما أقرّ صلى الله عليه وسلّم الآذان عن طريق رؤيا رآها أحد الصحابة فلولا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لما أحسن أحد من الصحابة تقريرها لأنّ الشرع شرعه عليه الصلاة والسلام فهو المبعوث به وهو الذي يقرّره صلى الله عليه وسلّم بوحي من الله تعالى كما قال في الحجّ لما سأله ذلك الصحابي ( أكلّ عام ) قال عليه الصلاة والسلام : ( لو قلت نعم لوجب ) لأنّ كلامه وحي يوحى.

 وكذلك في قصّة تخفيف الصلاة فرجع إلى ربّه عدّة مرّات لأنّه المسؤول عن تقرير الشريعة فلا أحد غيره يزيد في الشرع ما ليس منه فيقبل منه لذا أوضح هذه المسألة : ( من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد ).

 لذا قلنا بأنّ وحي المنام الخاص بالأنبياء ليس هو على نفس درجة وحي المنام الذي من نصيب المؤمن فبينهما فرق كبير فإنّ المؤمن يشارك الأنبياء في وجه من وجوه هذا النوع من الوحي وليس في كلّ أوجهه , لذا قال عن الرؤيا الصالحة وبأنّها جزء من ستّ وأربعين جزءا من النبوّة ) فهي من هذا الوجه جزء من ستّ وأربعين جزء من وحي منام الأنبياء .فافهم . ليفهم الفارق بين الأنبياء وغيرهم لأنّهم أهل العصمة فكلامهم وحي وكذلك منامهم وكذلك إلهاماتهم ( قد جاءكم من الله نور ) هذا حتى لا نتجرّأ على مقامات ساداتنا الأنبياء فنحمل رؤيانا على نفس محمل رؤياهم.

قال تعالى ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى ).

فهل تظنّ بأنّ أحدا من المؤمنين اليوم لو رأى مثل هذه الرؤيا في المنام فما تراه فاعلا بإبنه ؟

وكذلك ما ترى الإبن فاعلا عند قول أبيه له بأنّه رأى في المنام أنّه يذبحه ؟

 فأردت التعريج في بداية الإجابة على السؤال بهذا ليعرف كلّ مؤمن قدر نفسه فلا يسرف في التأويل ( إنّ الله لا يحبّ المسرفين ).

ففي هذا الزمان صار خلط كبير في الرؤى وتأويلها حتى أنّ بعض الناس يدّعي المهدية بمجرّد رؤيا رآها في منامه كما حدث مع جهيمان الذي قدم من اليمن وإحتلّ الحرم المكّي في التاريخ الحاضر , وكذلك الكثير ممّن إدّعى المهدية وبأنّه المهدي المرتقب بمجرّد رؤى منامية وخاصّة ما نلحظه اليوم في الوهابية فإنّ أحدهم متى رأى رؤيا فيأخذها بإعتبار أنّه أقرب ما يكون من النبوّة وهو في تلك الحالة وهذا ما لحظناه فيهم من غير مبالغة إلا من رحمه الله منهم فهو على تمييز وهذا قليل فيهم والله أعلم.

ثمّ إنّ الرؤى المنامية لها علمها الخاصّ وهو علم تأويل الرؤى وهو علم إختصاصيّ ينال منه المرء على قدر القسمة فيه من الله تعالى وهذا العلم له أقطابه لأنّ لكلّ علم قطب.

وقد نال سيّدنا يوسف الحظّ الأوفر من هذا العلم عدا سيّد الأنبياء فهو صاحب العلوم كما قال البوصيري ( لك ذات العلوم * ولآدم منها الأسماء ) فقد نال فيه أوفر حظّ ونصيب , قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ).

فأنظر قوله ( ويعلّمك من تأويل الأحاديث ) لأنّ الرؤيا المنامية لها علمها الخاص فليس كلّ من هبّ ودبّ يحسن تأويل الرؤى لذا ورد في الخبر ( لا تقصّ رؤياك إلا على عالم ) أي عالم بتأويل الرؤى .

 أمّا ما نراه اليوم من كتب معنونة بإسم تفسير الرؤى أو تفسير الأحلام وغير ذلك فأغلبها موضوع من أجل كسب المال والتجارة ليس إلا لأنّها اليوم أضحت السلعة الرائجة في المسلمين وأنت تعلم من غير مبالغة منّي أنّ أصحاب المكتبات ودور النشر همّهم الأوّل والأخير هو التجارة وجمع المال ولا تجد منهم إلا القليل الذي يخاف الله تعالى ويخشاه فلا يتّخذ هذه الصنعة إلا محبّة في نشر العلم الديني وإفادة المسلمين , والآن لو تلاحظ أسعار الكتب الدينية بلغت من الغلاء مبلغا كبيرا ليس في متناول كلّ الناس.

 قال لي أحد ساداتنا وكان يطبع كتبه في دار من دور النشر ( لقد كسب صاحب الدار من كتبي مبالغ خيالية ) ومنهم من يكتب على غلاف الكتاب الأوفاق والمثلّث كي تشترى كتبه وتباع سريعا ومرّة ذهبت إلى مكتبة إسلامية فوجدت المصحف الشريف في الرفوف السفلى مبعثرة وكأنّا ( بطاطس ) حاشا كلام الله تعالى وكتابه الكريم ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.

ووالله سيدي ولا أزكّي نفسي فإن محبّة المال والدنيا ذهبت بالمسلمين اليوم مذهبا بعيدا جدّا وهذا رأيناه حتى عند البعض ممّن تنسب إليهم الولاية وإنّما حكيت هذا لما في قلبي من ذلك من النكران الشديد.

وقد ورد في كتاب الإبريز لصاحبه عن شيخه بعض الأمور فيما يخصّ الرؤيا من حيث تأويلها وتفسيرها وحضراتها وذكر بعض الأمور التي تتعلّق بذلك وهي مشهورة لمن طالع في الإبريز.

هذا سيدي أما عن العلوم التي لا بدّ أن تتوفّر لمؤوّل الرؤيا فقد حكيت عددها تقليدا لما أخبرني به شيخي وإلا فمن أين لي أن أعلم أسماءها بل قد ورد في عدّة تفاسير إجتهادات في هذا الصدد فلتراجع فإنها تفي بالمقصود العام إن شاء الله تعالى هذا ولتعلم سيدي بأنّ حضرات الرؤى أربع :

- رؤيا من الله ( من عالم النور ) ويشملها الرؤيا من الملائكة.

- رؤيا من الشيطان.

- رؤيا من الجنّ ( من حيث أنّه جنّ ).

- رؤيا من النفس.

فهذه حضرات الرؤى بلا زيادة وإن شئت أن تردّها خمس حضرات بإعتبار حضرة الملائكة فلك ذلك.

فالرؤية تقع في عالم المثال وعالم المثال هو البرزخ الذي بين الدنيا والآخرة فله وجه إلى عالم النور وله وجه إلى عالم الدنيا فهي من هذا الحيز كالوحي الذي يتوقّع حدوثه أي يتوقّع حدوثه إمّا في عالم الدنيا وإمّا في عالم الآخرة لذا فالوجه الذي يتوقّع أن يقع في عالم الدنيا فلا بدّ لتأويله من علوم منها علم الأمثال بحسب أمثال كلّ بلد أو قبيلة أو جنس من الاجناس فهناك أمثال مشتركة عامة وهناك أمثال خاصّة.

ورد في الحديث أن المؤمن متى رأى رؤيا تفزعه فلينفث على شماله ثلاث مرات ويبدّل جنبه وهيئة رقدته ولا يقصّها على أحد من الناس فإنّها لا تضرّه ( قال بأنها لا تضرّه ) فافهم.

وإنما أمر بأن لا يقصّها على أحد لأنّها على جناحي طير فإنّها تقع بحسب تأويلها لذا ورد في الخبر أن لا يقصّ رؤياه إلا على عالم بتأويلها مخافة أن تؤوّل على غير وجهها الصحيح فتقع بحسب الوجه الذي أوّلت به لذا فنحن مأمورون بأن نؤوّل الرؤيا دائما على فأل حسن ومحمل جميل حتى لا نضرّ غيرنا بجهلنا من حيث لا نشعر.

فالرؤيا من إختصاص عالم الأحياء أي يراها في منامه الإنسان الحي في الحياة الدنيا ولا يمكننا أن نقول يراها الإنسان المنتقل لأنّه في دار الحقّ فكلّ ما يراه هناك حقّ لا وجه للتأويل فيه.

وإنّما كان التأويل في حقّ الحي لأنّه له وجه إلى عالم الآخرة في منامه وذلك عند عروج الروح , وله وجه آخر إلى عالم الدنيا بإعتبار أنّه فيها حيّ يرزق وروحه متّصلة مع جسده وتحت نظرها.

ثمّ أنّ الروح ترى الأمور هناك في عالم المثال بحسب صفائها فالرؤيا تتلوّن بلون روح صاحبها فعلى قدر صفاء الروح تصفى الرؤيا والمثال في الشاهد كالواردات فعلى قدر صفاء القلب يكون صفاء الوارد وعلى قدر الإستعداد يأتي الإمداد.

فكلّما صفيت الروح صفيت الرؤيا حتى يصبح تأويلها يسيرا سهلا بل ربّما تقع كما شوهدت حرفا بحرف وهذا كان حال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم قبل نزول الوحي فما رأى رؤيا إلا كانت كفلق الصبح كما ورد في الحديث.

وكان الصحابة رضي الله عنهم يؤوّلون الرؤى بمحضر رسول الله صلى الله عليه وسلّم فمنهم من يخطىء ومنهم من يصيب ومنهم من يخطىء في جزء منها وهكذا ..

لأنّ تأويلها علم مستقلّ بحدّ ذاته وقد نال محمد بن سيرين باعا في هذا وكذلك بعض الأولياء وهذا العلم من علوم الأسرار لذا أمر يعقوب عليه السلام إبنه بعدم قصّ رؤياه على إخوته وهو بدوره ما حكى تأويلها ليوسف وإنما أمره بالكتم فقط , أمّا يوسف عليه السلام فرغم أنه أوّل الرؤى في السجن للملك ولصاحبي السجن إلا أنّه كتم تأويل رؤياه وما قال في حقّها شيئا إلا لمّا رأى تحقّقها أمام عينيه فقال ( وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ) فما خاطب إلا أباه وما نسي الرؤيا بل بقيت في باله رغم السنوات الطوال التي حالت بينه وبين تحقّق رؤياه , وفي هذه السورة أي سورة يوسف من الأسرار والعلوم والحكم والفهوم ما لا يكيّف ولا يطاق ( لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ ).

وكذلك سيّدنا إبراهيم عليه السلام لمّا قال : ( قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى ).

فما قال له ( إن الله أمرني بذبحك ) بل قال له ( إني أرى في المنام ).

فقال له إبنه ( إفعل ما تؤمر ) فما قال له ( إفعل ما أمرك الله به ) فأنظر أدب الأنبياء مع الله تعالى وفهمهم للحضرات والمراتب.

ثمّ قال له : ( إني أرى في المنام ) فذكر له حضرة الرؤيا , لذا قال له ( فأنظر ماذا ترى ) أي هل توافقني في تأويلي لها في تلك المنزلة وتلك الحضرة فأجابه بأنّ ما أضمرته من تأويلها هو حقّ وهو نفس تأويلي وكما أوّلتها يا أبت فستقع وكذلك يعضدها تأويلي فهي حتما ستقع كما أوّلناها لذا فداهما الله تعالى : ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ).

وإنّما قال له : ( قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) فما ذكر غير إبراهيم لأنّ إبنه فلذة كبده فهو في الشاهد سيذبح نفسه لذا إنطوى الفرع في الأصل لذا عبّر عنه بالفدية ( بذبح عظيم ) بحسب مقام إبراهيم لا بحسب مقام إبنه.

وقوله : ( قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) أي رغم أنّ فيها شبهة الظلم والإفساد والإعتداء أو الشرّ فقد سلّمت لنا في علمنا بحسب وسعه وما سلّم موسى للخضر عليها السلام في هذا الوسع وذلك في قوله لما سألوه هل هناك من هو أعلم منك اليوم في الأرض فقال : ( لا ) فكان إمتحانه في النكران على الخضر من مدد قوله (لا ) والقاعدة تقول ( وفوق كلّ ذي علم عليم ) لتبقى عبدا من العباد فلا تخرج عن شهود جهلك أبدا.

فالرؤيا لها علومها التي يعلمها أصحاب هذا العلم أي أصحاب علم تأويل الرؤى وهذا المؤوّل لا يمكن إلا أن يكون عارفا بالله كاملا وإلا فلربّما أخطأ غيره وأصاب وفي آخر الزمان لمّا يقلّ هذا العلم في الناس أكرمهم الله تعالى بأنّ رؤيا المؤمن توشك في هذا الزمان أن لا تكذب فتكون صادقة في كلّ حالاتها.

ونحن وغيرنا نريد أن نسدّ هذا الباب أمام الناس الذين لهم علل قلبية وأمراض نفسية فيلتمسون الرؤى ليلا نهارا كي يبشّرون بمراتب أو خصوصيات وغير ذلك من العلل السقيمة والأحوال المظلمة وغايتهم الأولى والأخيرة وجود شاهد من الرؤى يقوّي ما ركن في النفس من حبّ الدعاوى والظهور وهنا يدخل مجال الشيطان في عالم الخيال وهي الرؤيا التي تكون من الشيطان والنفس والجنّ فهذه مراتب في التلبيس بالرؤى وكلّها باطلة من الحلم وأضغاث الأحلام.

هذا سيدي ولم أدخل في تفاصيل علومها لأنّني لست مختصّا في ذلك ولا أطلعني الله تعالى عليه وعاش من عرف قدره ووقف عند حدّه.

والسلام 

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È