إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

حديث سيدنا جبريل 3

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه

وبعد :

إن حديث سيدنا جبريل عليه السلام وعلى جميع الملائكة الكرام من أشمل الأحاديث النبوية ذكرا لعيون الدين وجواهره , وأحكامه وحقائقه , وأركانه ومسائله , فقد حوى جميع ما في الدين من أصول العلوم , وما فيها من خزائن الفهوم , هذا لتعلم أيها العالم الحبيب أن الفهم في الدين ما دلّك على الله تعالى من أقصر طريق , وما سقاك من الجمع على الله من عيون التحقيق , فالعلم ما نلت به القرب من مولاك من أقرب السبل وأيسرها , فكلّ علم لا يدنيك من حضرته فهو ظلام , وما لم يجمعك عليه فهو وقوع في الحرام , فكلّ فهم لا يدلّك عليه فهو بلادة , لا يزيدك إلا ضلالا في مناهج القصد والعبادة .

أما المعاني فكلّما كثرت لديك , أناخت لك مطاياها لتعرج بك إليه , لذا صار إختصار العبارة في التحقيق من دلائل الطريق , فيتوحّد المركوب وتشرق على الذات أنوار الغيوب , هذا لتعلم بأنّه ما جمع أحد المعاني الكلية والجزئية بعد الله تعالى في كتابه مثل سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم القائل " أوتيت جوامع الكلم وأختصر لي الكلام إختصارا " وهو مناسب لقوله عليه الصلاة والسلام " أوتيت القرآن ومثله معه " هذا القرآن الذي قيل فيه ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) .

فأوتي عليه الصلاة والسلام كلّ ذلك في جوامع كلمه وإختصار ألفاظه , لأن الألفاظ فرق فتعين الجمع فيها والإختصار لتطوى آية الليل وتشرق آية النهار فكان صلى الله عليه وسلّم يختصر الكلام إختصارا رغم بحور معانيها وجمال أسرارها فكانت خطبه الجمعية لا تتجاوز الكلمات القليلات , فالعبد الرباني والمحقق الصمداني ينفخ من حقيقة عبوديته في طينة قاله وحاله فيتحوّلان طيرا في سماء القرب وبراقا في فناء الجذب , فيفيض كأس اللفظ بأنوار العبودية ( وأشرقت الأرض ) أرض الكأس ( بنور ربّها ( من خمرة الإيناس , فشرب كلّ من له نصيب منها .
 وصاحب النصيب تراه عيانا متى حققت في علم الفرائض والميراث , فكلامهم عين جارية , ولا نفاد لكلمات الله 
قال عيسى عليه السلام ( فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ) أي بسرّ حقيقة عبوديته وربانيته , فما إختار من الخلق غير الطير ذي الجناحين دلالة على الأرواح في عالم الفلاح , لذا كانت الملائكة صاحبة أجنحة , وهكذا أمر الروح فهي تطير إلى عالم القرب والوصال على جناحي الجمال والجلال , فافهم إن كنت من أهل الكمال ( قال ربّ أرني كيف تحيي الموتى(  فجعل آيته في الطير ليتحقق له العروج في السير .

هذا لتعلم حقائق معاني جوامع الكلم التي أختص بها رسول الله من بين الخلق أجمعين وليس لغيره غير الميراث بحسب النصيب أيها اللبيب .

لأنه النبي الجامع لما في الكلم والحروف من المعاني بما أنه أوتي القرآن ومثله معه وأوتي جوامع الكلم وأختصر له الكلام إختصارا .

فجمع مع القرآن مثاله معه فكان ناطقا بالحقيقة وناطقا بالشريعة , وما المثال إلا الشريعة , وما الحقيقة إلا القرآن .

أو إن شئت فقل كان ناطقا بالحقيقة في مثال الشريعة لأنها محلّ النطق ولولاها لما جاز النطق لذا قال في بادىء الأمر ( لست بقارىء ) لأن الحقيقة وصف والشريعة رسم وهما لا يقومان إلا بالموصوف فافهم .

فهذا هو الدين الذي جاء بالسؤال فيه جبريل ليعلّمه الأمّة ويكشف عنهم الغمّة , وقد تفطّن لهذه الإمام الشعراني في كتابه ( كشف الغمّة عن جميع الأمّة ) فما أورد فيه غير كلام خير الخلق صلى الله عليه وسلّم .

فما نطق صلى الله عليه وسلّم بجوامع الكلم إلا في عالم البقاء , أما إختصار الكلام فهو أن يستشعر المشار إليه قبل الإشارة , والمعنى قبل العبارة , فكانت الألفاظ تابعة مأمومة , والحقيقة إمام مقدّم , فهي تركع بركوعها وتسجد بسجودها , والصلاة معراج المؤمن فافهم.

هذا ولتعلم أيضا جلالة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلّم القائل ( من كذب عليّ متعمّدا فليتبوأ مقعده من النار ) أي من أراد طمس هذه الحقيقة سواء معنى أو لفظا فهو من الهالكين فليتبوأ مقعده من النار .

فكلامه صلى الله عليه وسلّم وحي يوحى ومتى كان بهذه المثابة كانت معانيه حقيقة ومبانيه شريعة فكان صلى الله عليه وسلّم الجامع للحقيقة والشريعة ) ومن يطع الرسول ) أي في الشريعة ( فقد أطاع الله ) أي في الحقيقة  )وأطيعوا الله ) في الفناء فيه ( ورسوله ) في البقاء به.
 
لذا كان أهل الحديث أعظم الناس قدرا وأعلاهم شرفا ونضارة وتنويرا .

يتبع إن شاء الله ...

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È