بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم علي الصوفي تحية وسلام بارك الله فيك وبالاخوة الاكارم صادفت منذ دخولي عددا من المقالات الجميلة وكان من اجملها مقالاتك فشعرت برغبة تدفعني لاسألك لعلي احرك مكنوناتك اكثر واستفيد من علمكم وذوقكم فلو تكرمت واجبتني سيدي الكريم على اسالتي جزاك الله كل خير عني وعن كل من يستفيد من كلامكم ...
السؤال الاول :
ما الفرق سيدي بين الذوق العقلي والقلبي فقد ورد علي هذا المصطلح سابقا فان صح ارجو التفرقة بينهم ؟
السؤال الثاني :
لو ان شخصا اكرمه الله بان نال بيعة الطريق من شيخ كامل ثم شاءت الصدفة ان ينالها من شيخ اخر فبذالك هو مع من فيهم ؟
السؤال الثالث سيدي وارجو ان يكون صدرك واسعا لي :
لو ان مريدا اخذ البيعة واعطيا الورد العام لها لكنه ترك الورد العام واخذ بذكر ورد اخر من طريقة اخرى فهل يستفيد في سلوكه ام انه لا حظ له ؟
السؤال الرابع :
هل السر باللمسة الروحية ( البيعة ) ام السر بورد الطريقة فايهما يوصل للثمرة الورد او البيعة وما السر كامن وراء كل منهما ؟
فارس النور
====================================
بسم الله الرحمان الرحيم
أشكرك سيدي الكريم فارس النور على حسن ظنّك بالعبد الفقير وعلى طرحك لتلك الأسئلة المفيدة , هذا وليعلم بأن في هذا المنتدى وغيره من هم أولى منّي بالإجابة لوفرة علمهم وكمال سيرهم وتحقيقهم في المقامات والأحوال.
ولكن قال عليه الصلاة والسلام ( إذا دعاك أخاك فأجب ) وما هي إلا دعوة منك إلى موائد علمك ومحبّتك .
بالنسبة للسؤال الأوّل : الذي تقول في متنه :
( ما الفرق سيدي بين الذوق العقلي والقلبي فقد ورد علي هذا المصطلح سابقا فان صح ارجو التفرقة بينهم ؟ ).
فالجواب بحسب ما إرتأيته والله أعلم :
هذا المصطلح الذي ورد على مسامعك فقد ورد أيضا على مسامعي لكنّه ليس بنفس الكلام , فما سمعته هو قولهم : التصوّف العقلي والتصوّف الذوقي .
فالله أعلم
نقول : لا بدّ من تعريف الذوق حتى تعلم المسائل :
فالذوق هو حالة وجدانية شعورية قلبية يجدها المؤمن في قلبه فينتعش بها إيمانه وتسمو معانيه إلى عوالم الصفاء والرقّة والمحبّة والجمال وكلّ ما كان من هذا المعنى.
قال عليه الصلاة والسلام : ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيّا ورسولا ).
والإيمان كما تعلم محلّه القلب وليس العقل وعليه فلا يكون الذوق حقيقة إلا بالقلب فهو محلّه .
وإنما قلنا بأن الذوق هو الإحساس والشعور لأنّ متعلّقه اللذّة والألم كالفرح والحزن والقبظ والبسط ..إلخ .
لذا فلو تلاحظ في قوله تعالى في الكفار في النار : ذق إنّك أنت العزيز الكريم .
فما يذوقه من العذاب هو ما يحسّه ويشعر به ويتألّم به.
فالعقل في مجمله لا يعطي الذوق بل يعطي الفكر الرياضي والمقاييس والدليل والبرهان والمنطق ..وما كان من هذا القبيل .
وإنّما يقصدون بالذوق العقلي هو فهم مقامات السير والسلوك من أحوال ومقامات فهما عقليّا لا معنى قلبي يعضده كما نراه عند طوائف من العلماء كإبن تيمية رحمه الله وغيره فإنّه تكلّم في التصوّف العقلي والذوق العقلي مجردا عن الحقائق التي لا تنال بمجرّد الفكر أو تصوّر المسألة عقليا بل لا بدّ فيها من إدراك وتحلّي صفاتي بها لذا قيل في علمنا :
ليس بعلم أوراق بل هو علم أذواق وليس بعلم مكسوب بل هو علم موهوب من خزائن الفضل فلا كسب فيه بل هو مجرّد وهب يهبه الله تعالى للقلوب الصافية وإنما غاية إكتسابه أن يباشر المريد المجاهدة لتخلية القلب من الرذائل وتحليته بأنواع الفضائل والإستقامة على شرع الله تعالى ظاهرا وباطنا قدر المستطاع ثمّ يبقى ينتظر كرم الله تعالى المتمثّل في الفيض الأقدس والنور والأسرار وهذه كلّها معاني ذوقية شعورية يدركها الشعور والإحساس إدراكا ذاتيا ووصفا حاليا .
وعليه : فلا معنى لقولنا : الذوق العقلي بل نقول غاية ذلك الفهم العقلي للذوق وهو بعيد عن إدراك حقيقة الذوق كقول ساداتنا في العسل لا يعرف طعمه إلا من ذاقه فقد يصف العقل حلاوته لكنّه يستبعد إدراك حقيقته لأنها لا تحصل إلا بالذوق .
ثمّ إن الذوق نتيجة من نتائج السلوك يدركها الفقير في سيره إلى الله تعالى لذا قالوا :
العلم ثمّ العمل المتقن الذي ينتج الحال وبعد الحال يأتي الذوق كقطرة ثمّ ينهمر كغيث إلى أن يسكر الإنسان في ذوقه لذا قالوا بأن بعده السكر ثمّ بعده كما قالوا يأتي الصحو ..ألخ مقامات أهل الكمال .
فالذوق مرحلة سير تتلوّن بحسب المقام فليس ذوق المريدين كذوق العارفين وليس ذوق أهل الإيمان كذوق أهل الإحسان وهكذا .
وحقيقة الذوق هو ذوق الروح لمقامات الجمال والصفاء والعلم لأن الذوق في حقيقته هو محبّة أو تقول بداية المحبّة الذوق ثمّ يأتي العشق ويكون البكاء والنحيب وتأتي المحبّة بأحكامها حتى قيل في الحكاية بأنه كان مريد من المريدين أخذته المحبّة غاية فيبقى الليالي والأيام وهو لا يحسّ بشيء من حوله وقد أشار إلى ذلك الحبيب عليه الصلاة والسلام ( لي وقت لا يسعني فيه غير ربّي ).
وهناك أمور لا بدّ من فهمها : بالنسبة للأحوال أي الحال عندما يأخذ بصاحبه يرفع عنه مشقّة العبادة جملة وتفصيلا والذوق الذي يأتي من بعده يهذّب له تلك العبادات لذا قيل : عبادات العارفين كالتاج على رأس الملك.
ثمّ إن الذوق يختلف من عارف إلى آخر فالماء واحد والزهر ألوان .
أما القائل بذوق العقل فهو دليل على عدم فهمه لحقيقة الذوق التي هي حالة وجدانية شعورية لا يحسن الإنسان وصفها وهل يحسن أحد وصف طعم العسل فهذا لا يدرك إلا بالذوق وكذلك الذوق لا يدرك إلا بالذوق .
يتبع ...
أخي الكريم علي الصوفي تحية وسلام بارك الله فيك وبالاخوة الاكارم صادفت منذ دخولي عددا من المقالات الجميلة وكان من اجملها مقالاتك فشعرت برغبة تدفعني لاسألك لعلي احرك مكنوناتك اكثر واستفيد من علمكم وذوقكم فلو تكرمت واجبتني سيدي الكريم على اسالتي جزاك الله كل خير عني وعن كل من يستفيد من كلامكم ...
السؤال الاول :
ما الفرق سيدي بين الذوق العقلي والقلبي فقد ورد علي هذا المصطلح سابقا فان صح ارجو التفرقة بينهم ؟
السؤال الثاني :
لو ان شخصا اكرمه الله بان نال بيعة الطريق من شيخ كامل ثم شاءت الصدفة ان ينالها من شيخ اخر فبذالك هو مع من فيهم ؟
السؤال الثالث سيدي وارجو ان يكون صدرك واسعا لي :
لو ان مريدا اخذ البيعة واعطيا الورد العام لها لكنه ترك الورد العام واخذ بذكر ورد اخر من طريقة اخرى فهل يستفيد في سلوكه ام انه لا حظ له ؟
السؤال الرابع :
هل السر باللمسة الروحية ( البيعة ) ام السر بورد الطريقة فايهما يوصل للثمرة الورد او البيعة وما السر كامن وراء كل منهما ؟
فارس النور
====================================
بسم الله الرحمان الرحيم
أشكرك سيدي الكريم فارس النور على حسن ظنّك بالعبد الفقير وعلى طرحك لتلك الأسئلة المفيدة , هذا وليعلم بأن في هذا المنتدى وغيره من هم أولى منّي بالإجابة لوفرة علمهم وكمال سيرهم وتحقيقهم في المقامات والأحوال.
ولكن قال عليه الصلاة والسلام ( إذا دعاك أخاك فأجب ) وما هي إلا دعوة منك إلى موائد علمك ومحبّتك .
بالنسبة للسؤال الأوّل : الذي تقول في متنه :
( ما الفرق سيدي بين الذوق العقلي والقلبي فقد ورد علي هذا المصطلح سابقا فان صح ارجو التفرقة بينهم ؟ ).
فالجواب بحسب ما إرتأيته والله أعلم :
هذا المصطلح الذي ورد على مسامعك فقد ورد أيضا على مسامعي لكنّه ليس بنفس الكلام , فما سمعته هو قولهم : التصوّف العقلي والتصوّف الذوقي .
فالله أعلم
نقول : لا بدّ من تعريف الذوق حتى تعلم المسائل :
فالذوق هو حالة وجدانية شعورية قلبية يجدها المؤمن في قلبه فينتعش بها إيمانه وتسمو معانيه إلى عوالم الصفاء والرقّة والمحبّة والجمال وكلّ ما كان من هذا المعنى.
قال عليه الصلاة والسلام : ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيّا ورسولا ).
والإيمان كما تعلم محلّه القلب وليس العقل وعليه فلا يكون الذوق حقيقة إلا بالقلب فهو محلّه .
وإنما قلنا بأن الذوق هو الإحساس والشعور لأنّ متعلّقه اللذّة والألم كالفرح والحزن والقبظ والبسط ..إلخ .
لذا فلو تلاحظ في قوله تعالى في الكفار في النار : ذق إنّك أنت العزيز الكريم .
فما يذوقه من العذاب هو ما يحسّه ويشعر به ويتألّم به.
فالعقل في مجمله لا يعطي الذوق بل يعطي الفكر الرياضي والمقاييس والدليل والبرهان والمنطق ..وما كان من هذا القبيل .
وإنّما يقصدون بالذوق العقلي هو فهم مقامات السير والسلوك من أحوال ومقامات فهما عقليّا لا معنى قلبي يعضده كما نراه عند طوائف من العلماء كإبن تيمية رحمه الله وغيره فإنّه تكلّم في التصوّف العقلي والذوق العقلي مجردا عن الحقائق التي لا تنال بمجرّد الفكر أو تصوّر المسألة عقليا بل لا بدّ فيها من إدراك وتحلّي صفاتي بها لذا قيل في علمنا :
ليس بعلم أوراق بل هو علم أذواق وليس بعلم مكسوب بل هو علم موهوب من خزائن الفضل فلا كسب فيه بل هو مجرّد وهب يهبه الله تعالى للقلوب الصافية وإنما غاية إكتسابه أن يباشر المريد المجاهدة لتخلية القلب من الرذائل وتحليته بأنواع الفضائل والإستقامة على شرع الله تعالى ظاهرا وباطنا قدر المستطاع ثمّ يبقى ينتظر كرم الله تعالى المتمثّل في الفيض الأقدس والنور والأسرار وهذه كلّها معاني ذوقية شعورية يدركها الشعور والإحساس إدراكا ذاتيا ووصفا حاليا .
وعليه : فلا معنى لقولنا : الذوق العقلي بل نقول غاية ذلك الفهم العقلي للذوق وهو بعيد عن إدراك حقيقة الذوق كقول ساداتنا في العسل لا يعرف طعمه إلا من ذاقه فقد يصف العقل حلاوته لكنّه يستبعد إدراك حقيقته لأنها لا تحصل إلا بالذوق .
ثمّ إن الذوق نتيجة من نتائج السلوك يدركها الفقير في سيره إلى الله تعالى لذا قالوا :
العلم ثمّ العمل المتقن الذي ينتج الحال وبعد الحال يأتي الذوق كقطرة ثمّ ينهمر كغيث إلى أن يسكر الإنسان في ذوقه لذا قالوا بأن بعده السكر ثمّ بعده كما قالوا يأتي الصحو ..ألخ مقامات أهل الكمال .
فالذوق مرحلة سير تتلوّن بحسب المقام فليس ذوق المريدين كذوق العارفين وليس ذوق أهل الإيمان كذوق أهل الإحسان وهكذا .
وحقيقة الذوق هو ذوق الروح لمقامات الجمال والصفاء والعلم لأن الذوق في حقيقته هو محبّة أو تقول بداية المحبّة الذوق ثمّ يأتي العشق ويكون البكاء والنحيب وتأتي المحبّة بأحكامها حتى قيل في الحكاية بأنه كان مريد من المريدين أخذته المحبّة غاية فيبقى الليالي والأيام وهو لا يحسّ بشيء من حوله وقد أشار إلى ذلك الحبيب عليه الصلاة والسلام ( لي وقت لا يسعني فيه غير ربّي ).
وهناك أمور لا بدّ من فهمها : بالنسبة للأحوال أي الحال عندما يأخذ بصاحبه يرفع عنه مشقّة العبادة جملة وتفصيلا والذوق الذي يأتي من بعده يهذّب له تلك العبادات لذا قيل : عبادات العارفين كالتاج على رأس الملك.
ثمّ إن الذوق يختلف من عارف إلى آخر فالماء واحد والزهر ألوان .
أما القائل بذوق العقل فهو دليل على عدم فهمه لحقيقة الذوق التي هي حالة وجدانية شعورية لا يحسن الإنسان وصفها وهل يحسن أحد وصف طعم العسل فهذا لا يدرك إلا بالذوق وكذلك الذوق لا يدرك إلا بالذوق .
يتبع ...
ما شاء الله ....بارك الله فيك يا شيخ
ردحذف