إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

الطائفية لا تبني الدول


بسم الله الرحمان الرحيم 

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم 

أكبر عقبة يجدها السلطان العادل في طريقه هي البطانة الفاسدة.

كان عليه الصلاة والسلام لا يولي من يسأله الإمارة ولو كان عمّه ,وكان الخلفاء يتفقدون جدا بطاناتهم ,ونحن متى فهمنا عزل عمر رضي الله عنه لخالد ابن الوليد في بعض الغزوات أدركنا عمق المفاهيم السياسية الشرعية لدى أهل ذلك الزمان, ثمّ إنّ ما نراه الآن من فكرة الأحزاب الاسلامية فليست هي الخلافة الاسلامية بل هي دول اسلامية حكمتها حركات اسلامية كدولة المرابطين في المغرب ودولة الموحدين ( نسبة الى توحيد الله تعالى ) وكذلك هناك دول حكمتها حركات اسلامية في الحاضر كدولة السعودية فقد حكمتها الحركة الوهابية ,ودولة الشيعة في ايران فقد حكمتها الحركة الشيعية والصفوية ... ومن قبل كدولة الفاطميين في تونس ومنها الى مصر ...

ثمّ هناك فرق بين الحركات السياسية وبين الحركات الدينية ... فكانت أنظمة الدول في صدر الاسلام هي حركات سياسية كالدولة الأموية والعباسية والعثمانية رغم كون بعض سلاطين تلك الدول لهم انتماء طائفي ...

فهناك فرق بين الحركات السياسية من حبث منطلقها السياسي وبين الحركات الدينية الطائفية التي منطلقها ديني تحت غطاء سياسي فهناك فرق .

وبما أن الأمر وصل بالاحزاب السياسية العاملة في الميدان السياسي الى الخروج عن تبني هوية الأمة الاسلامية وثقافتها الدينية ومشروعها الوطني, لم تجد الشعوب العربية والاسلامية بدّا ولا بديلا آخر سوى تلك الحركات الاسلامية السياسية كي تنتخبها وتوصلها الى الحكم لأن هناك فراغ اسلامي كبير حصل خلال فترة الاستعمار بعد أن تمّ القضاء على آخر حكم اسلامي جامع للأمة ...

فترة الاستعمار المقيتة هي التي أسست لتجهيل المسلمين بدينهم وحجبهم عن ثقافة حضارتهم التي أسست حضارة دينية واجتماعية واسعة كانت السبيل المنير لما عليه الحضارة الغربية اليوم في جانبها المادي على الأقل ..

فكرة بناء الدول فكرة قديمة مستقيمة لا يصلح النظام البشري الا على ضوئها ونحن وغيرنا لا نثلم بعض القادة العرب حقهم في كونهم أسسوا لدول أضحت دولا عريقة كدولة العراق في القديم ,وأيضا في عصرها الذهبي في عهد صدام حسين رحمه الله تعالى وكذلك دولة تونس في عهد رجلها الراحل الحبيب بورقيبة الذي جنح الى العلمانية والى الانبهار الغالب بالحضارة الغربية المادية ,الأمر الذي أوقعه في عدم تبني الاسلام كدين يرعى مؤسسات الدولة وينظم سير اجتماعياتها و أخلاقها ...

بعد هذا وغيره مما يطول نصل الى نتيحة مفادها أنّ الخلافة لا تقوم عن طريق الحركات الدينية الطائفية مهما كانت ,كما أنها لا تقوم عن طريق أحزاب سياسية علمانية التي يتبناها خصوصا اتباع المنهج الصوفي خاصّة من الذين زعموا أن أفضل هروب من حرّ الطائفية الاسلامية هو التحالف مع العلمانيين تحت ظلّ المد العلماني المؤيد من الدول الغربية المحارب للاسلام خصوصا في مظاهره التي تدل عليه فهي عنوانه ..

بناء الدول مهما كان يحتاج الى عقول والى عزائم كبيرة مع تفان في خدمة مصالح الأفراد والشعوب ونكران الذات ,وهذا أمر نراه متجليا تجليا واسعا في زمن الخلفاء حتى قال عمر رضي الله عنه ( لو عثرت بغلة بالعراق لسألني الله عنها : لما لم تصلح لها الطريق يا عمر ؟ ) لأنه رضي الله عنه أقامه الله تعالى راعيا لشؤون العباد والبلاد فليس الأمر بالسهل لمن يحسّ بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ,أما الذي لا يحسّ بها فلا يجب أن يولّى أمر من أمور المسلمبن مهما كان بسيطا ... لهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم
من سأله الإمارة مهما كانت قرابته منه ( نعني عمه العباس رضي الله عنه ).

فالحركات الاسلامية الطائفية ليس في مقدورها بناء الدول حتى تجعل فيصلا بين المؤسسة السياسية والمؤسسة الدينية ,إذ لو دمجت المؤسستان لأصبحت الدولة عبارة في جميع مؤسساتها عن وزارة شؤون دينية وأوقاف كما رأيناه في دولة طالبان لما قاموا بحرق شاشات التلفزيون في الساحات العامة والفيديو ..الخ وقاموا بنسف صنم بوذا .. مهللين ومكبرين ..الخ رغم كونهم لم يؤسسوا عمرانا ولا طريقا ولا جيشا ولا مدارس علمية ولا تفتّح على الدول ولا كرّ وفرّ في عالم السياسة والاقتصاد والمصالح العليا للدول فعجزت قدرة عقولهم عن انشاء مشروع بناء دولة صغيرة فكيف ببناء دولة الخلاقة الاسلامبة جامعة ..؟ فالدول لا تقوم الا بعقول رجالها مهما كان دينهم أو انتماؤهم ... كما نراه في العالم الغربي الذي سيطر ظلما وعدوانا على مقدرات الشعوب بلدانهم وثقافاتهم سيطرة تامة منذ عقود ..

قد يكون الرجل الصالح صالحا ولكنه قد لا يكون قادرا على تأسيس مشروع دولة كما نراه اليوم عند جماعة الإخوان المسلمين فلاحطنا منهم ضعفا باديا في عالم السياسة ودهاليزها رغم كون خوض التجارب يكسب المرء خبرات عديدة ينتفع بها في المستقبل ... لكن بالنسبة إلينا فالذي يحافظ لنا على ديننا بالدرجة الأولى تلازما مع المحافظة على قوتنا وأمننا فهو الذي نبايعه ونعينه ونسانده واجبا شرعيا ...

قال الله تعالى في حق من يبني الدول وفق رغبته النفسية وميولاته الفكرية والعقائدية ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ ) لذا قال تعالى في حق فرعون ( ان فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين )

قالت الملائكة ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) أي أتجعل الحكم فيها لمن يفسد فيها ويسفك الدماء كفرعون والنمرود وغيرهما ...

فالخلافة نوعان : خلافة ظاهرة وهي السياسة والحكم في الأرض وهي التي سألها إبليس لعنه الله تعالى والتي تقاتل عليها المتقاتلون ولكن ليس كل من قاتل عليها كان مخطئا كما أن ليس كلّ من قاتل عليها كان مصيبا وعند الله تجتمع الخصوم كل بحسب نيّته فإنّ يوم القيامة هو يوم الكشف عن النوايا ,لذا نبهنا النبي صلى الله عليه وسلم على تحرير النوايا فإنما الأعمال بالنيات ,ولا يشفع الجهل لمطالبتنا بالعلم فإن مراد الله تعالى من خلقه تعليمهم ( إقرأ بإسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم ) فمن كرمه أنه علمك ( الرحمان علّم القرآن خلق الإنسان علّمه البيان ).

ثمّ هناك الخلافة الباطنة وهي الخلافة الدينية والمقصود بها تعريف الخلق بالله تعالى على نعت الشهود والعيان فقد يكون الخليفة جامعا بينهما ونعني هنا خليفة آخر الزمان فهو يجمع بين الخلافتين الظاهرة والباطنة في مجال الحكم والسياسة ومجال الدين والسلوك والأخلاق ...

فبعد الخلفاء فصلت الخلافة الظاهرة عن الخلافة الباطنة ولا ترجع إلاّ في شخص المهدي خليفة آخر الزمان فهو رجلها ... فهي من عند الله تعالى لاتنال بحيلة ولا اكتساب ولكن نقول لعلّ ما يحدث اليوم تمهيدا لتلك الخلافة الراشدة إذ كلّ شيء لا بدّ له من تمهيد ..

والسلام

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È