إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

تفسير القرآن بالخمرة الأزليّة والأذواق السنية

بسم الله ( الذي لا يضرّ مع إسمه شيء في الأرض ولا في السماء) فكان الرحمان الرحيم في الأرض والسماء والدنيا والآخرة 

والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والحقيقة المجتباة وآله وأزواجه وأصحابه وأتباعه 

أما بعد

فبالخمر العتيق أعتق قلبي بختم الرحيق , فكان الحبيب الرحيق المختوم بخاتم النبوّة وهي شعرات الشعور ساجدة تحت عرش الرحمان حيث وجود عبودية الإنسان.
 
مالك يا قلبي لا تثبت فحدثني حنانيك بحديث الأحبة تحت ظلال نعيم الجنّة على سرر متقابلين ( إني أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي ) فدلّ على أنه كعبة الوجود حيث يتقابل فيها العباد في السجود إليها ومحور الشهود من حيث دوران الوجود عليه ( وليطوّفوا بالبيت العتيق ).
           
ما أحلى هذه المشارب وما أشرقك يا شموس المشارق والمغارب ( لا إله الا الله أفني بها عمري لا إله إلا الله أدخل بها قبري لا إله إلا الله ألقى بها ربّي ( .

وبعد الدخول الى ربيع القلب وبساتينه الزاهرة التي هي القرآن العظيم والسبع المثاني الحكيم التي أخرج معلومات الوجود من العلم السابق الى المعرفة اللاحقة فكان مجال العباد المعرفة ومجال المعبود العلم ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) من حيث العلم إحاطة وإلا فهو كثير من حيث المعرفة ( إنّ فضل الله كان عليك كبيرا ).
    
وبعد : فإنّ تفسير القرآن بالخمرة الأزليّة والأذواق السنية مجاله القلوب والأفهام قال تعالى ( أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها ).

فما ذكر غير فهم القلب وتدبّره للقرآن الذي جاءنا من حضرة الإحسان, وكأنّه يشير الى ما تفهمه القلوب بنور الإيمان فحث على تدبّره وكأنه يقول : أفلا ترون أنواري وأسراري فيه , ألا يدلّكم عليّ ألا تروني هناك ( أم على قلوب أقفالها ) ( تعمى القلوب التي في الصدور).

ثمّ قوله (يتدبّرون) وكأنّه يشير الى تنوّع وتعدّد التدبّر والفهم وذلك بقوله ( أم على قلوب أقفالها ) فجمع القلوب في محلّ الأقفال فهي لا تفقه شيئا ,وكأنّه فرّقها في محلّ التدبّر لتخرج كلّ أرض طيّبة شجرتها الطيّبة الثابتة الأصل أي أصل العبودية والتي فرعها في السماء من حيث الخصوصية وهذا مثل الكلمة الطيّبة من حيث الفناء والبقاء ( وفي ذلك فاليتنافس المتنافسون )  فقيّد التنافس في المتنافسين فحسب أي أصحاب الهمم العالية في صدق التوجّه إليه فأثبت التنافس ليحصل به القرب إليه ( السابقون السابقون أولائك المقرّبون ) فسبق أبو بكر الجميع ( وثاني إثنين إذ هما في الغار) .

 وهنا قد أوضح الفرق بين الإثنين بقوله ( ثاني إثنين ) أي أنه صلى الله عليه وسلّم له حقيقتان حقيقة رسلية وحقيقة نبوية فكان ثانيا مع أبي بكر في رسليته وثاني إثنين من حيث نبوّته لذا قال له ( لا تحزن إن الله معنا ) وقوله (معنا) هذا قول النبي صلى الله عليه وسلّم في مرتبة الإحسان ( إن الله مع المحسنين ) فعلمنا مرتية الكلام في هذا المجال لذا نسج العنكبوت نسيجه من حيث التصديق لقوله ( إن الله معنا ) فهو مقام الفناء لذا نطقت الحضرة على لسانه الشريف صلى الله عليه وسلّم بقوله ( لا تحزن ) فأخبر عن حزن أبي بكر لا عن حزنه هو صلى الله عليه وسلّم ,فعرج به عروجا من مقتضى أحكام الغار فتباينت المقامات وظهرت الدلالالت .

 أما جعل المشركين مائة من الإبل لمن يأتي به حيّا أو ميّتا فهو من حال أبيه عبد الله عليه السلام عندما فدي بمائة من الإبل فكانت الصورة في أبيه عبد الله والحقيقة رجعت إليه لأنّ الإبل لا تكون في مستوى قيمته صلى الله عليه وسلّم وقد تحقّقت نجاته من أول خروجه من مكّة إشارة لخروجه من الحضرة الى تحقيق أسمائه وصفاته في عالم خلقه وحكمته فغارت أسماء الجلال وهي غيرة الربوبية من وجود الخصوصية التي تشبهها في صورتها فكلّ من تكلّم بخصوصيته من غير إذن عوقب بوجود الصعق لظهور الأصل لأوصاف الربوبية في إطلاقاتها ( وخرّ موسى صعقا ) .

أقول وأما بنعمة ربّك فحدّث : فهذه نعمة ليست مثل بقية النعم لأنها مخفية ولا ظهور لها إلا بإظهارها بالحديث والكلام عليها فعلمنا أنها نعمة المعارف والواردات لأنها لو كانت نعمة مشهودة لدلّت عليها الحواس وما لم تدلّ عليه الحواس فلا مجال لمعرفتها إلا بالحديث فقلنا بأنّها نعمة الواردات ولمّا كان الحديث يظهرها ( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ) علمن بأن الكلام عليها لا ينقصها بل يزيدها فكلّما تحدّث الإنسان بتلك النعمة كلّما زادت ومهما تكلّم فيها لا تنتهي معانيها ودلالاتها الى أبد الآباد فدلّ على أنها نعمة الواردات وما في طي ذلك من المعارف من حيث أن المعرفة هي العبودية والعلم هو الألوهية من هذه الحيثية ونعمة الله تعالى التي لا نهاية لها أبدا أصلها نعمة الواردات, فكلّ ما في الوجود من عرشه والى فرشه مردّه الى الواردات وعليها يسير الوجود بأسره من الأبد وإلى الأزل وكلّ وارد يأتي من خزانته ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ) أي الواردات التي بها يبقى وجوده وهو قولنا المدد والمدد يأتي حسّا ومعنى روحا وجسما وأخفى من ذلك وأظهر.

 وقوله ( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ) فذكر الإسم الجامع لبقية الأسماء فهو رئيسها فذكر العدّ وهو معرفة العدد وهذا محال لأن الإسم الجامع خارج عن طور العدد والفكر بالعقل وذكر الإحصاء وهو معرفة مدد تلك النعم ثمّ ذكر العدّ بصيغة الجمع أي تعدوها جميعا مع بعضكم " ولو كان بعضهم لبعض قرينا " ولن تحصوها كذلك مددا ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا لذا قال ( وأما بنعمة ربّك فحدّث ) أي وماذا ستدرك من هذا التحديث لذا قال المعلم صلى الله عليه وسلم ) لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ).

 فالعارف عندما يتحدّث بنعم الله عليه في مختلف المجالات فهو شاكر للنعمة من حيث هو ذاكر لها فحيثما وصل الذكر له وصل الشكر ,وأنت مطالب بالشكر عليها جميعا لذا قال ( أنت كما أثنيت على نفسك ) فأنظر قوله ( على نفسك ) ولم يقل (على نعم نفسك) .

لأنه المتفضّل بها , ونعمة الله ليست لها نهاية أبدا لذا قال بالنسبة لأهل الشريعة ( وإن تعدوا ) وقال لأهل الحقيقة ( لا تحصوها ) أي لا في مقام الأسلام ولا في مقام الأيقان ولا في مقام الأحسان لا بالعقل ولا بالقلب ولا بالروح ولا بالسرّ لذا قال له ( وليتمّ نعمته عليك ) أي لتزيد سجودا وركوعا بما إستعبدتك به من النعم وكلّما زدتك منها إزدادت عبوديتك لي ) صراط الذين أنعمت عليهم ) ,هم أصحاب الإستزادة من النعم وقوله ( غير المغضوب عليهم ) مسلوبي النعم وقوله ( ولا الضالين ) أي بها عنّي فنسبوها لعيسى لذا قال له ( وأما بنعمة ربّك فحدّث ) في آخر سورة الضحى التي فيها الأسراء والمعراج بعد الهجر والدلال بقوله ( ولسوف يعطيك ربّك فترضى ) أي من النعم لذا أمره بالحديث بها وعدم جحدها وهذا طبع الكرام .
والسلام

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È