بسم الله الرحمان الرحيم -
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه.
قال الله تعالى : ( إنّما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتّقوا الله لعلّكم ترحمون )
وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ( رواه مسلم ).
أمّا بعد :
فسلام الله عليكم ساداتنا الأفاضل الأحبّة ورحمة الله وبركاته.
لقد قرأت ما دار من حديث بين الخلاّن أهل المحبّة والمودّة ساداتنا الفقراء الكرام فرجعت بي الذاكرة إلى قول أحد الصوفية الكبار ( مازال الصوفية بخير ما اختلفوا ) نعم مازالوا بخير ما اختلفوا , مرّة كنت بجانب شيخنا جالسا في زاويته وكنّا فرادى فأخذ كتاب لسيدي محمد البوزيدي شيخ سيدي ابن عجيبة رضي الله عنهما ثمّ قرأ عليّ منه صفحتين تتناولان ذكر أهل الله تعالى وشؤون عمارة الزوايا والنشاط في طريق الله تعالى وبعض ما له علاقة بمثل هذه المسائل.
ثمّ التفت إليّ قائلا : ما قولك في نشاطنا بالزاوية فقلت له يا سيدي أرى أنّ أغلب الفقراء وأنا منهم لسنا كجسم واحد ولا كفرد واحد على المستوى الراقي المثالي المطلوب بينما أرى شيوخا كثر أخرين يعجبني فيهم انسجام فقرائهم وكثرة تكاتفهم مع بعضهم البعض والتفاني في خدمة بعضهم البعض وهذا الحال لا أشهده عندنا بالدرجة المطلوبة , فتبسّم رضي الله عنه كعادته عند الشرح والبيان ثمّ قال : يا سيدي تلك من علامات صحّة الإذن في الطريقة فإنّ ما بدا لك فإنّما هو من حيث الظاهر أمّا من حيث الباطن فلا أعتقد فيهم غير الصفاء التام وهذا أساس تصوّفنا.
ثمّ قال : يا سيدي أنت مثلا دائم الخصام مع فلان ( فقير سمّاه ) أليس هذا بصحيح فقلت نعم والله فقال لي : ولكنّك لا تحبّ مفارقته ولا تستطيعها فقلت له : نعم والله , فقال لي : وهذه علامة من علامات المحبّة ثمّ قال لي : هل قرأت في السيرة النبويّة وحياة الصحابة ؟ فقلت نعم سيدي قد قرأتها كلّها فقال لي : لا أنت لم تقرأ منها حرفا واحدا أتدري لماذا ؟ فقلت : لا أدري فقال : لو قرأتها لما قلت ما قلت بل إنّ الخلاف الذي يقع بين أهل النسبة أمر مشهور لكن أتدري ما هي قاعدتهم : قاعدتهم هي التصافي والصفاء لا غير ذلك.
حكاية : مرّة طلب منّي شيخنا أن أزور فلانا من الفقراء ثمّ لمّا زرته ورجعت إلى زاوية شيخنا قال لي فيه كلاما شديدا حتّى أيقنت بهلاك ذلك الفقير ثمّ بعد مدّة أتيت لزيارة شيخنا رضي الله عنه فقالوا لي أنّه في زيارة فقير ذهب إليه منذ الصباح ولم يعد إلى الآن فلمّا قدم شيخنا سألته : يا سيدي عند من كنت فقال لي : كنت عند حبيبنا سيدي فلان وكان نفس الفقير الذي قال فيه كلاما من يسمعه يقسم حينها أنّ ذلك الفقير مطرود من أهل نسبة الله.
ثمّ كعادتي سألته أريد منه التربية والتعليم فقلت له : يا سيدي ما كنت أظنّك تكلّم قطّ ذلك الفقير بعد الذي سمعته منك في حقّه فتبسّم قائلا : ألم أقل لك أنّك لا تقرأ السيرة ثمّ تتحيّل على الصبيان أنّك العالم الأثيل والعلاّمة الكبير ثمّ ضحك وقال : يا سيدي من شتمته في وجودك فإيّاك أن تقل له ذلك فتكون من الكاذبين عليّ فنحن الصوفية لا نحمل حقدا ولا حسدا ولا غشّا ولا حقدا على أحد ولكن نحن بشر لنا أحكام بشرية نغضب ونرضى ونخطئ ونعتذر ونعصي ونتوب , فهل أنت مصاحب شيخا معصوما من الخطأ فقلت : لا العصمة لساداتنا الأنبياء فقال : ها أنت تحكم بعصمتي فعلى قدر حكمك هذا تحجب به عنّي.
يتبع...
0 التعليقات:
إرسال تعليق