إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الأحد، 10 نوفمبر 2013

أسئلة مخصوصة لسيدي علي الصوفي 24

بسم الله الرحمان الرحيم - 

أمّا العالم العلوي :

فإسمه يدلّ على مسمّاه وهي كلّ روح مؤمنة بالله تعالى مستقيمة لا تفعل الحرام بشكل من الأشكال بل تحاربه وتكون عدّوه.

ثمّ إنّ المؤمنين متى أرادوا أن يستعينوا في قضاء حوائجهم بجند النور فإنّهم يتوجّهون إلى الله تعالى في قضاء حوائجهم العامّة والخاصّة فيمدّهم سبحانه بجنود لم يروها ( وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) فقد يغيثك بلا سبب تراه أو تشعر به (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) لأنّ الله تعالى أمره بين الكاف والنّون , وقد يمدّك بسبب من الأسباب فإن جند الله يصرفهم في خدمة المؤمنين كما صرف الخضر في خدمة المساكين والأيتام والعجّز بأمر الله تعالى وبقوّته سبحانه.

 وكذلك فقد أعطى سبحانه للمخلصين من عباده أسرارا وأنوارا يصرفونها متى شاء الله تعالى في أوجه الخير لأمره إياهم بفعل الخير ظاهرا وباطنا ( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) وهم يختلفون في هذا على قدر تحقّق عجزهم لأنّه من تحقّق بالعجز ظاهرا وباطنا أمدّه الله بقوّته وكلّ هذا يدخل في ما أكرمهم به من كرامات كصاحب سليمان الذي أتى بعرش بلقيس في طرفة العين لأنّ الله تعالى أمدّه بأسرار قوّته سبحانه.

 والمؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف ظاهرا وباطنا كطالوت الملك ( وزاده بسطة في العلم والجسم ) من حضرة المزيد ( وعندنا مزيد ) ومن هنا تصرّف الأولياء بقوّة الله تعالى لدفع الشرّ : ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم : (‏ ‏إن عفريتا من الجن جعل ‏ ‏يفتك ‏ ‏علي ... ‏ ‏فلقد هممت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا تنظرون إليه ) فهذه قوّة خارقة وإلا من يحسن أن يربط عفريتا من الجنّ والله تعالى يقول في قوّة الجنّ : ( وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً ) أنظر قوله كأنّها جان ومقدرة العفاريت بلغت مبلغا لا يستهان به قال تعالى ( قال عفريت من الجن انا اتيك به قبل ان تقوم من مقامك واني عليه لقوي امين ) فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يربط ذلك العفريت من الجنّ ويظهره بصورته حتى يراه الناس.

 فهذا وغيره من قوّة الله تعالى التي جعلها لكلّ من يطيعه خالصا مخلصا وقد قال عليه الصلاة والسلام في هذا الفضل الإلهي ذاكرا الدجّال وفتنته : ( إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم ) لأنّنا سنحتمي برسول الله لذا قال : ( فأنا حجيجه دونكم ) فيتولّى بنفسه صلى الله عليه وسلّم مبارزته فما ذكر عيسى عليه السلام هنا ولا المهدي لتعلم من هو رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

فهذه القوّة الربانية ليست مكتسبة بل هي موهوبة من عند الله لعباده المخلصين الذين قال فيهم ( يريدون وجهه ) فتحقّقوا بحقائق التوحيد فكانت قوّتهم بالله تعالى ( وما رميت إذ رميت ولكنّ الله رمى ) وقوله تعالى في الحديث القدسي : ( ...وكنت يده التي يبطش بها والبطش هو التصرّف ) لذا قال ولئن سألني لأعطينّه بالتوكيدين اللام والنون ولإن إستعاذني لأعيذنّه بنفس الحقيقة والجملة لتعلم حفظ الله تعالى لعباده الصالحين.

 قال شيخنا سيدي فتحي السلامي القيرواني رضي الله عنه : لمّا آذنني شيخي بالتسليك والإرشاد دعا لي بدعوات منها : ( حفظك الله بما حفظ به عباده الصالحين ) وكما قيل المأذون مأمون ( ومن يتّق الله يجعل له مخرجا ) قال تعالى في قتال المؤمنين للكفار وأعوانهم من العالم السفلي : (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ) فالقوّة التي هي العذاب من الله وما العبد إلا آلة عاجزة يعطيها الله تعالى من قوّته ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ).

فليس للعبد في الحقيقة والشريعة قوّة مستقلّة عن قوّة الله فكلّ من نسب النفع والضرّ لغير الله إستقلالا فهو مشرك شركا أكبرا مخرجا من الملّة , وغاية الأمر أنّ الله تعالى قد يرزق بعض عباده في بعض الأوقات بعض الكرامات وليس في كلّ الأوقات وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في بعض الأحيان يشبع صحابته كلّهم من صاع شعير وفي بعض الأحيان يشدّ بطنه من الجوع لأنّ الأمر في كلّ ذلك إلى الله تعالى.

 فكلّ من يدّعي المقدرة والنفع والضرّ فأحذره فهو شيطان لأنّ الذي يدّعي المقدرة هي الأرواح السفلية أي الشيطان لذاك قال ( لأغوينّهم أجمعين ) وكأنّه الفاعل المختار وقال : (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) فنسب إلى نفسه الإتيان والقوّة والفعل والغواية والضلالة فهذه أقوال من هم على قدم إبليس فهذا الذي يتألّى على الله تعالى فيوهم الخلق بأنّه يفعل ويستطيع والله تعالى يقول : ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ) فقال الجنّ والإنس بأل التعريف إستغراقا للجنس فيدخل كلّ أحد من العباد ولو كانوا أنبياءا ورسلا.

 فالعبد الصادق لا يدّعي نفعا ولا ضرّا قطعا وهو جازم في ذلك بعقيدة راسخة لا تتبدّل ولا تتحوّل وإلا سلب وطرد ولعن فإدعى مثل إبليس ما لا يجوز له وما العبد إلا عبد ضعيف فقير لا يقدر على شيء إلا بإذن الله متى شاء وأراد فلم يبق سبيل أمام الخلق بإسرهم غير الدعاء الذي هو مخّ العبادة وقد قال : ( أدعوني أستجب لكم ) فما ترك لك حجّة غير حجّة الدعاء فهذا الأصل وهذا لا ينفي التوسّل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته وبدعاء الصالح من نبيّ ووليّ وبجاههم وأسرارهم ومحابهم لله تعالى فهذا لا ينافي الدعاء بل هو وسيلة للإسراع في الإستجابة لا على ما يقوله الوهابيون في ذلك فإن التفصيل عندهم معدوم وترتيب المراتب مفقود وليس لهم حظّ في علوم الحقيقة .

فعلوم القوم إنّما منحت لهم لتقرّبهم من الله تعالى ( وإتقوا الله ويعلّمكم الله ) ومن جملة العلوم علوم أسرار أسماء الله تعالى فهذا علم نوراني وهو من أسرار الله تعالى لا يعطاه إلإ أمين ولا يجوز صرفه لغير أمين شهدت العدول بأمانته فمن خالفه سلبه في الوقت كما حكى سيدي عبد العزيز الدبّاغ رضي الله عنه كما في الإبريز عن ذلك الولي الذي سلبه أحد الأولياء ما كان معه من التصريف لمّا تصرّف في سفينة الكفّار فأحرقها وإشتعلت فيها النيران من غير سبب ظاهر , فعوقب في ذلك لأنّه لا يجوز.

 وإلاّ فهذا جبريل قادر على قلب الأرض بأسرها وقتل الكفّار جميعهم في لحظة بما آتاه الله من قوّة لكن تصريفه عليه السلام لا يكون إلا بإذن الله تعالى وكذلك لكلّ من له سرّ مع الله تعالى لأنّ السرّ هو أمانة لا يجوز إظهارها ولا التصرّف فيها إلا بإذن صاحبها لذا ترك جملة هائلة من الأولياء مقام التصريف وقالوا : ( تركنا الله تعالى يتصرّف لنا ).

 وسنكتب إن شاء الله تعالى بسطة في ذكر تفاصيل هذا متى سنحت الفرصة.

ثمّ إنّ العبد إنّما أكرمه الله تعالى بتلك الكرامات نتيجة تقواه ومحبّته لله ولرسوله وللمؤمنين ولم ينلها بعلم عنده كما قال قارون ناسبا لنفسه الغنى وحيلة إكتساب المال قال تعالى : ( قال إنما أوتيته على علم عندي ) فهذا الفرق بين الأولياء وبين غيرهم.

فالوليّ أضعف ما يكون وأعجز ما يكون وأفقر ما يكون إلا أنّهم يلتجئون في هذا متى مسّهم الضرّ إلى الله تعالى ( رب اني قد مسني الضر وانت ارحم الراحمين ).

قال تعالى في أهل بدر ( ‏‏إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ ).

لأنّ العبد متى أحسّ بعجزه وفقره وضعفه إستلزمه ذلك التوجّه إلى الله تعالى بإخلاص وصدق وتبتّل وتمريغ الوجه في التراب فإن إستجابة الله تعالى أقرب للإنسان من حبل الوريد وهو الفعّال لما يريد : ( فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ) (والله يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ).

فهذا العالم العلوي والأرواح العلوية لا يتسرّب إليه الشرك ولا الحرام ولا الشعوذة ولا البيع والشراء فيه بل هو من أمر الله تعالى وغاية الوليّ أنّك متى أكرمته أو أحببته أكرمك الله واحبّك وقضى حاجتك ببركة ذلك الوليّ لأنّهم القوم لا يشقى بهم جليسهم والله يكرم من يكرم أحبابه ويحبّ من يحبّ أولياءه وقد قال تعالى في الحديث القدسي : ( وجبت محبّتي للمتحابين فيّ والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ والمتباذلين فيّ ).

هذا وإن الله تعالى يحبّ المحسنين ويحبّ من يقضي حاجة أخيه سواء أكانت دنيوية أم معنوية ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) فمن هذا الباب أحكم الأولياء التقوى وفتحوا باب القربى فمن كان له مال واسى إخوانه فأعطى المعدوم وكفل اليتيم وجاد على المسكين , ومن كان له أيّة منحة إلهية أو خصوصيّة أنفق منها فعاون الفقير ونصر الضعيف وأقام العدل حسب الإمكان والقدرة.

ثمّ إنّ علوم الأخيار من الخصوصيات لقضاء الحاجات هي منحة ربّانية على خلقه كما فعل الخضر عليه السلام نصرة للحقّ ومعاونة الضعيف فهي من الرحمة الإلهية وهؤلاء القوم هم أهل الرحمة فتشاهد مظاهر الرحمة في حركاتهم وسكناتهم وما نشأ الصوفية إلا رحمة للخلق ( والراحمون يرحمهم الرحمان ) ( إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ).

( محمد رسول الله والذين معه أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم ) ويكفي أنّه عليه الصلاة والسلام قال ( إنما أنا رحمة مهداة ).

وقال تعالى ذاكر هذه الحقيقة التامّة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ).

والله أعلم سيدي.

وبالله التوفيق .

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È