إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الخميس، 21 نوفمبر 2013

أسئلة مخصوصة لسيدي علي الصوفي 37

بسم الله الرحمن الرحيم -

السلام عليكم سيدي الغالي بارك الله بعمرك وعلمك ومسعاك وجزاك عنا خير الجزاء كما تتلطف بنا وتكرمنا من وقتكم.

السؤال الثامن والعشرين:

قلتم سيدي فيما سبق : قال سيدي أبو الحسن الشاذلي : ( نحن نربّي أولادنا بالنظر كما تربّي السلحفاة أولادها بالنظر ) أي لا نربّيهم بالكلام بل بمجرّد النظر لأنّهم أهل نظرة
لو تكرمتم سيدي علينا والقيتم الضوء على ذلك لنفهمه أكثر؟


اشكر سيدي فارس النور على سؤاله الذي هو من الأهميّة بمكان في فهم السلوك إلى طريق الله تعالى , وكذلك لا أنسى ما كان سأل به سيدي المنافح أعلاه فإنّي ما غفلت عن أسئلته ولكن لم يكن لي عليها جواب كافي ففضّلت أن يقوم بذلك بقية العلماء من ساداتنا رضي الله عنهم وإن كان البعض ممّا سأل عنه موجود في إجاباتي السابقة وعلى كلّ فسيدي المنافح لا يحتاج لأجوبة أمثالنا فإنّ الله تعالى أكرمه بالعلم والحلم وزيّنه بالنسبة الطاهرة الظاهرة والباطنة.

 إلا أنّ سيدي فارس النور لولا وعدي إيّاه على الخاص بالجواب عمّا أراد أن يسأل عنه لما تقدّمت لذلك أصلا فإنّ العبد الفقير لا يرتقي إلى مراقي ساداتنا العلماء فضلا عن علوم ساداتنا الأولياء من المحققين من أهل التصوّف رضي الله عنهم أجمعين فإنّي والله لست بأهل أن أجيب وذلك لقلّة زادي وضعف معرفتي لكن محبّة القوم هي التي تدعونا أن نتشبّه بهم ( والتشبّه بالكرام فلاح ) كما قيل , فإنّ المحبّة تفعل الأعاجيب لأنّها مغناطيس تجذب البعيد فتجعله قريب ( والسابقون السابقون أولائك المقرّبون ) وهم أهل المحبّة لأنّه لا يمكن القرب بغير مغناطيسه الذي هو المحبّة ( والمرء مع من أحبّ يوم القيامة ).

 ولمّا دفن عليه الصلاة والسلام في غزوة أحد إثنين من الصحابة الشهداء في قبر واحد وأخبر أنّهما كان يحبّان بعضهما في الدنيا , فإنّ المحبّة التي هي الجذب في حقيقتها وهي المغناطيس الجاذب هي التي تدعوني وإخواني الفقراء من أهل النسبة إلى التشبّه بالقوم وقد قال سيدي محمّد المداني رضي الله عنه ( نسبتي للحبّ تكفي --- وإيمان القلب يشفي ) فمن لم يذق طعم المحبّة فلا عاش ولا طاش , فإن لم تكن من أهل المحبّة ففارق القوم ولا تعد تأتيهم ( فعين المحبّة عن كلّ عيب كليلة --- وعين السخط تبدي المساويا ).

هذا مدخل سيدي الحبيب فارس النور جعلك الله سابقا في ميدانه , شاربا كارعا من خمر الجذب ومدامه , فإنّه ديدننا فلا نعرف غير الجذب وأحكامه , و التيه في أرقى مقام في مقامه :

فهذه سيدي نظرة المحبّ لحبيبه , ونظرة الحبيب لمحبّه , فمتى تحقّقت هذه النظرة صار الأمر كلّه حنانا ومحبّة ووفاءا ومنّة , وهذا مشرب سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه وأرضاه في التربية لأنّ طريقته طريقة المحبّة والشكر , فالمحبّة تستوجب غضّ الطرف ( وغضّ الطرف إن عثرا ) كما في قصيدة سيدي أبي مدين الغوث رضي الله عنه.

قلت : سيدي معرفة التربية وأحكامها من إختصاص أهلها والعبد الفقير لست من أهلها حتى أعرفها , ولكن ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه , فإنّ المشائخ لهم نظريات في التربية فليسوا على منهج واحد في التربية فلهم إجتهادات فيها وهذا تراه في طرقهم كما ترى إجتهادات أهل الفقه في الفقه فهو نظير ذلك , فإختار سيدي أبو الحسن التربية بالنظر دون الكلام لأنّ طريقته طريقة الأقطاب وأهلها كلّهم محبوبون عند الله ورسوله وكذلك جميع الطرق إلاّ أنّ منحى الشاذلية منحى سريع صافي كامل ليس فيه عقبات بل كلّه صدق وصفاء باطني لا يقدّر بمقياس.

 فالفقير الشاذلي الحقيقي من أوّل قدم في الطريق متى كان صادقا تحصل له الجذبة ومعنى الجذبة هو جولان الفكر والقلب والروح في محبّة الله تعالى فقد يمرّ عليه الأزمان الطويلة ولا يخطر على باله غير محبّة ربّه ورضاه فلا تراه يتقدّم ولا يتصدّر ولا يطلب قطّ خصوصية ولا ميزة من الميزات فهو بالخلاصة لا يطلب الأعواض ولا الأعراض فهذه أوّل قدم يضعها المريد الشاذلي الحقيقي في الطريق وأقول الفقير الصادق أمّا من لا صدق له فهو لن ينفعه شيء لأنّ طريق الشاذلية يقول ( شيخك صدقك في طريق الشاذلية ) ولولا أنّك سألتني عن قول الشيخ أبي الحسن رضي الله عنه هذا المتعلّق به وبطريقة تربيته ومنهج طريقته ما كنت تعرّضت لمدح الطريقة الشاذلية وإنّما لمّا كان الكلام عن سيدي أبي الحسن وأقواله رضي الله عنه فالأمر منّي يتطلّب ذلك التوضيح حتى لا يفهم كلامه على غير مقصوده فإنّه يتكلّم عن طريقته في التربية ولا يتحدّث عن طرق غيره فافهم.

قلت : التربية بالنظر سيدي هي نفوذ أنوار الشيخ البصيرية المنقدحة على البصر في قلب المريد فهو في الشاهد مثل العلاج الذي تراه الآن بأشعّة الليزر , فهذا الأصل أمّا فروع هذا فهي كثيرة فإنّ للعيون لغة معروفة فقد تكلّم من شئت بما شئت بمجرّد نظرة تصدر منك لأنّ الكلام فيه في أغلب الأحيان وحشة , وهذا الحال أعني التربية بالنظر شهدته مرارا من شيخنا رضي الله عنه فقد تمرّ أوقات وأوقات ولا يتكلّم معك حرفا واحدا ولكنّه ببصره وبصيرته يراعيك ويسأل عنك ويتفقّدك ويعالجك العلاج النافع فتستقيم من غير كلام وتفهم بمجرّد إشارة منه فإنّ التربية بالنظر لها تعلّق كبير بالفهم عن الله ورسوله وكثرة الصبر والصفاء التام وسرعة البديهة والفطانة والتدبير والسياسة .

 فإنّ النفوس في أوّل مجيئها إلى الشيخ الكامل يراها على صفاتها التي أتت عليها فهناك أنفس متلوّنة كثيرة متشكّلة بحسب أشكال الحيوانات فقد يأتي إلى الشيخ من تكون نفسه في صورة أفعى ومنهم من يكون في صورة قرد أو خنزير وهكذا فإنّ النفوس وأنواعها بحسب أنواع الحيوانات لأنّها النفس الحيوانيّة فهي متشكّلة روحا بحسب ما تشكّل من أجناس الحيوانات ...وهذا أمر مخفي عن غالب القوم إلا من رحم الله.

وهذا النوع من التربية له أصوله من الكتاب والسنّة وهو حال رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع صحابته فليس فيه غير الجمال وهو الأصل , ثمّ إنّ التربية بالنظر تحتاج إلى الصبر فما رأيت في هذا الزمان أكثر صبرا من شيخنا رضي الله عنه على فقرائه , وإنّما يربّون بالنظر لأنّ هذا حال الشيخ مع ربّه فأهل النظرة في الحضرة لا يربّون إلا بالنظر فما تكلّم الشيخ أبو الحسن إلا بحسب حاله ولا يعني التربية بالنظر أنّ الشيخ لا يكلّم مريديه أو يوبّخهم , فافهم , ووراء هذا حقائق مصونة عليا.

والسلام 

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È