بسم الله الرحمان الرحيم
قال تعالى ( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ).
قال هنا بخصوص الرحمة ( آتيناه رحمة من عندنا ) فهي من باب الفضل كما قيل ( من سبقت له العناية لا تضرّة الجناية ) وقيل أيضا ( وإذا ما العناية لاحظتك عيونها --- فنم فالمخاوف كلهنّ أمان ).
وقال بخصوص العلم : ( وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ) وهو علم الصفات السارية فيها تلك الرحمة فهذا الذي يسمّونه ( العلم اللدني ) فليس هو من قبيل علم الغيب ولكنّه وحي إلهام.
فبين الإيتاء والتعليم فرق وإن كانا من جملة الفضل الإلهي على عباده الصالحين الذين ورثت أرواحهم من أنوار أرواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فنعتوهم ووصفوهم بأصحاب الاسرار , فصاحب السرّ هو صاحب العبودية الحقّة والإستقامة الباطنية المثلى قال تعالى ( ما كذّب الفؤاد ما رأى ) غاية الإستقامة فالفؤاد وهو القلب والروح وكذلك السرّ ما كذّب ما رآه بعينيه لأنّه لو لا وجود ذلك الفؤاد المصدّق ما رأت عيناه شيئا فالرؤية نسبتها في الحقيقة للفؤاد وما البصر إلاّ تعبيرا عمّا وقر في الفؤاد .. فالبصر دليل والفؤاد شاهد .. فالتصديق والتكذيب يعود للفؤاد حكمه ..
فقد يؤتي الله تعالى بعضا من خلقه كالأنبياء مقامات وأحوال إصطفائية اجتبائية عالية كما قال تعالى ( وآتينا عيسى ابن مريم البينات ..) وقال تعالى ( وآتينا داود زبورا ) وقال تعالى ( وآتيناه الحكم صبيا ..) وقال تعالى ( وآتيناه من كلّ شيء سببا ) ... إلخ الآيات الكثيرة لذا قال عليه الصلاة والسلام متحدّثا بما آتاه الله تعالى ( أؤتيت القرآن ومثله معه ) تصديقا لقوله تعالى ( ولقد آتيناكَ سَبْعاً مِن المثاني والقرآنَ العظيم ).
فالإيتاء إجتباء والتعليم إختصاص فكلّ صاحب علم هو مختصّ به فما آتاه الله تعالى لسيّدنا موسى عليه السلام لا يقارن بما آتاه الله تعالى لسيدنا الخضر عليه السلام متى علمت الفرق بين مرتبة النبيّ الرسول من أولي العزم من الرسل وبين غيره من أولياء الله تعالى فهذا إجتباء لا دخل له في إختصاص العلوم فالذي سأله موسى من الخضر عليهما السلام هو تعليمه ما أختصّ به من العلم فإنّه لا مزاحة على العلوم اللدنية لمن اختصّهم الله تعالى بها كما نراه اليوم وقرأناه قبل اليوم عن أشخاص زاحموا أهل الولاية على علومهم فأنكروها عليهم وقالوا ليس هناك من العلم إلاّ ما كان بحوزتنا فمن أين جئتم بعلمكم هذا ؟ يخلطون بين علوم الكسب وعلوم الوهب ... والله واسع عليم.
إنّ علامة علوم الوهب أن تسبق الرحمة فيها التعليم من باب ( آتيناه رحمة من عندنا ) ومن باب ( الرحمان علّم القرآن ) فمتى علّمك الرحمان القرآن فلا بدّ أن يكون علمك لدنيّا تسري جوانب الرحمة في جميع ذراته قال تعالى ( وعلّمناه من لدنّا علما ) فهو العلم اللدني اختصاص السادة الأولياء رضي الله تعالى عنهم أجمعين زيادة على ما عندهم من علوم الكسب التي اجتهدوا في تحصيلها مثلهم كمثل غيرهم من العلماء .. لهذا ترى أهل الإحسان إسمهم على مسماهم أكثر الناس رحمة بخلق الله تعالى وأشدّهم حرصا على جمع القلوب ودفعا لتشتتها كما كان الحال عليه من وصفه عليه الصلاة والسلام في قول خديجة رضي الله عنها له ( فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ) متى علمت أنّ عالمهم عالم قلبي فلا يقصدون من الدين إلاّ روحه وقلبه ولبّه فبذلك حياته فالدين لا يحيي إلاّ بروحه وقلبه النابض مثله مثل الجسد فلا حياة له من دون روح فحيثما فقدت الروح منه مات الجسد وفنى واضمحلّ فما كانت الأحكام إلاّ لمقاصدها كما كانت الأسماء إلاّ دلالة على مسمّاها ..
قال تعالى : ( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ).
فنكّر هذا العبد فما ذكره بإسمه كما ذكر موسى ولا نعته بنعته المشهود في الوجود وإنّما ذكره بأعلى وصف له هو متحقق به وهو وصف العبودية فقال تعالى ( فوجدا عبدا من عبادنا ) لأنّ الرحمة الخاصة المؤتاه لعباد الله تعالى من أهل الإحسان لا تلاحظ فيهم عندها غير عبوديتهم لربهم فبها استحقّوها فطابقت الرحمة وصف عبوديتهم فخرج الخضر في وصف من الرحمة الإلهية.
فكان من جند الله تعالى يقضي مصالح المساكين والمؤمنين والأيتام فقضى مصالح أؤلائك المساكين البالغين الذين يعملون في البحر ,ثمّ قضى مصالح الأبوين لذلك الغلام الذي قتله ثمّ مصالح اليتيمين العاجزين عن حفظ كنز أبيهم لهما والذي تجدر الإشارة إليه أنّ هذا الصنف من التعليم الذي سأله موسى هو صنف تطبيقي وليس مجرد صنف نظري لأنّ علوم أهل الله تعالى علوم تطبيقية قالا وحالا يسبق فيها للمتعلّم التطبيق العلم والحكمة من باب قوله تعالى ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) وليست مجرّد علوم نظرية بمعنى أنّ العلم يتجلّى في السير الذي هو مناط التجليات في هذا الكون الواسع ...
كما يتحد العلم والتطبيق بالنسبة للمعلّم فيه وهذا من علوم الوارد كفي قصّة أبي يزيد البسطامي في دخوله دير النصارى وهكذا هي علوم أهل الله تعالى وفهمهم للاوامر والنواهي الإلهية فإنّ كلّ أمر وراءه علم وكلّ نهي وراءه علم لهذا احتجّ إبليس لعنه الله تعالى على آدم بأنّ منعه من الأكل من الشجرة سبب كونه أنّ الله تعالى ما أراد لهما الخلود في الجنّة فدخل عليهما من باب دعواه معرفة مقاصد الأوامر والنواهي ..
قال الخضر لموسى عليه السلام ( قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ) فأمره بعدم السؤال كي يحدث له بعد استجابته لهذا الأمر العلم الذي سأله منه فلمّا خالف موسى الأمر بعد أن أسعفه في العديد من المرات حرم منه بعد أن قال له ( قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ) وإنّما كانت تلك العلوم على تلك الشاكلة من الصبر والاتباع وعدم منازعة أهل الإختصاص في إختصاصهم الذي آتاهم الله تعالى وعلمّهم إياه لكون جنسهم من جنس تلك العلوم بحيث أنّ علومهم آنية وليست علوم ماضية أو مستقبلية بل تأتي في الحال والحين فهي من علوم الواردات.
لذا قيل ( الفقير الصوفي ابن وقته ) فلا يتعلق العارف بسابق ولا بلاحق بخلاف علوم الأحكام والفقهيات فهي للأمر العالم يشترك فيه الجميع فكانت علوم أهل الله تعالى علوم عالية راقية دقيقة جارية مجرى توحيدي صرف وعبودية مطلقة وهكذا هي علومهم الموروثة من علوم الأنبياء عليهم السلام كما قال عليه الصلاة والسلام ( العلماء ورثة الأنبياء ) فمن مشكاة النبوّة كانت علومهم فهي علوم إلهام من الله تعالى وهو العلم النافع الذي يحيي الله تعالى به العباد والبلاد قال الإمام الجنيد رضي الله عنه ( لو أنّي علمت أنّ تحت أديم السماء علم أشرف مما نتحدث فيه مع أصحابنا لسعيت إليه ) ..
لذا قيل في التصوّف في حدود تعريفه وتوصيفه أنّه من اشرف العلوم لتعلقه بالذات الإلهية كما قال تعالى ( يريدون وجهه ) أمّا الآخرون وإن تميّزت علومهم فهي لا تخرج عن دائرة الأكوان كرعاية المكان والزمان والبلاد والعباد .. فهي شريفة لكنها لا تلحق علوم السادة من العارفين بالله تعالى الذي قال الله تعالى فيهم ( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلّ من عند ربنا ) فما قال والمؤمنون يؤمنون به أو العلماء و ما ذكرهم بوصف العلم بل ذكرهم بوصف الرسوخ فيه وهذا أمر أعلى من مجرّد العلم لذا قالوا في أهل المعرفة بأنّهم راسخو القدم في حضرة القدم .. فالخضر منهم وكذلك أهل الكهف وأهل الصفّة وذي القرنين .. وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين ..
يتبع إن شاء الله تعالى ...
قال تعالى ( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ).
قال هنا بخصوص الرحمة ( آتيناه رحمة من عندنا ) فهي من باب الفضل كما قيل ( من سبقت له العناية لا تضرّة الجناية ) وقيل أيضا ( وإذا ما العناية لاحظتك عيونها --- فنم فالمخاوف كلهنّ أمان ).
وقال بخصوص العلم : ( وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ) وهو علم الصفات السارية فيها تلك الرحمة فهذا الذي يسمّونه ( العلم اللدني ) فليس هو من قبيل علم الغيب ولكنّه وحي إلهام.
فبين الإيتاء والتعليم فرق وإن كانا من جملة الفضل الإلهي على عباده الصالحين الذين ورثت أرواحهم من أنوار أرواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فنعتوهم ووصفوهم بأصحاب الاسرار , فصاحب السرّ هو صاحب العبودية الحقّة والإستقامة الباطنية المثلى قال تعالى ( ما كذّب الفؤاد ما رأى ) غاية الإستقامة فالفؤاد وهو القلب والروح وكذلك السرّ ما كذّب ما رآه بعينيه لأنّه لو لا وجود ذلك الفؤاد المصدّق ما رأت عيناه شيئا فالرؤية نسبتها في الحقيقة للفؤاد وما البصر إلاّ تعبيرا عمّا وقر في الفؤاد .. فالبصر دليل والفؤاد شاهد .. فالتصديق والتكذيب يعود للفؤاد حكمه ..
فقد يؤتي الله تعالى بعضا من خلقه كالأنبياء مقامات وأحوال إصطفائية اجتبائية عالية كما قال تعالى ( وآتينا عيسى ابن مريم البينات ..) وقال تعالى ( وآتينا داود زبورا ) وقال تعالى ( وآتيناه الحكم صبيا ..) وقال تعالى ( وآتيناه من كلّ شيء سببا ) ... إلخ الآيات الكثيرة لذا قال عليه الصلاة والسلام متحدّثا بما آتاه الله تعالى ( أؤتيت القرآن ومثله معه ) تصديقا لقوله تعالى ( ولقد آتيناكَ سَبْعاً مِن المثاني والقرآنَ العظيم ).
فالإيتاء إجتباء والتعليم إختصاص فكلّ صاحب علم هو مختصّ به فما آتاه الله تعالى لسيّدنا موسى عليه السلام لا يقارن بما آتاه الله تعالى لسيدنا الخضر عليه السلام متى علمت الفرق بين مرتبة النبيّ الرسول من أولي العزم من الرسل وبين غيره من أولياء الله تعالى فهذا إجتباء لا دخل له في إختصاص العلوم فالذي سأله موسى من الخضر عليهما السلام هو تعليمه ما أختصّ به من العلم فإنّه لا مزاحة على العلوم اللدنية لمن اختصّهم الله تعالى بها كما نراه اليوم وقرأناه قبل اليوم عن أشخاص زاحموا أهل الولاية على علومهم فأنكروها عليهم وقالوا ليس هناك من العلم إلاّ ما كان بحوزتنا فمن أين جئتم بعلمكم هذا ؟ يخلطون بين علوم الكسب وعلوم الوهب ... والله واسع عليم.
إنّ علامة علوم الوهب أن تسبق الرحمة فيها التعليم من باب ( آتيناه رحمة من عندنا ) ومن باب ( الرحمان علّم القرآن ) فمتى علّمك الرحمان القرآن فلا بدّ أن يكون علمك لدنيّا تسري جوانب الرحمة في جميع ذراته قال تعالى ( وعلّمناه من لدنّا علما ) فهو العلم اللدني اختصاص السادة الأولياء رضي الله تعالى عنهم أجمعين زيادة على ما عندهم من علوم الكسب التي اجتهدوا في تحصيلها مثلهم كمثل غيرهم من العلماء .. لهذا ترى أهل الإحسان إسمهم على مسماهم أكثر الناس رحمة بخلق الله تعالى وأشدّهم حرصا على جمع القلوب ودفعا لتشتتها كما كان الحال عليه من وصفه عليه الصلاة والسلام في قول خديجة رضي الله عنها له ( فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ) متى علمت أنّ عالمهم عالم قلبي فلا يقصدون من الدين إلاّ روحه وقلبه ولبّه فبذلك حياته فالدين لا يحيي إلاّ بروحه وقلبه النابض مثله مثل الجسد فلا حياة له من دون روح فحيثما فقدت الروح منه مات الجسد وفنى واضمحلّ فما كانت الأحكام إلاّ لمقاصدها كما كانت الأسماء إلاّ دلالة على مسمّاها ..
قال تعالى : ( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ).
فنكّر هذا العبد فما ذكره بإسمه كما ذكر موسى ولا نعته بنعته المشهود في الوجود وإنّما ذكره بأعلى وصف له هو متحقق به وهو وصف العبودية فقال تعالى ( فوجدا عبدا من عبادنا ) لأنّ الرحمة الخاصة المؤتاه لعباد الله تعالى من أهل الإحسان لا تلاحظ فيهم عندها غير عبوديتهم لربهم فبها استحقّوها فطابقت الرحمة وصف عبوديتهم فخرج الخضر في وصف من الرحمة الإلهية.
فكان من جند الله تعالى يقضي مصالح المساكين والمؤمنين والأيتام فقضى مصالح أؤلائك المساكين البالغين الذين يعملون في البحر ,ثمّ قضى مصالح الأبوين لذلك الغلام الذي قتله ثمّ مصالح اليتيمين العاجزين عن حفظ كنز أبيهم لهما والذي تجدر الإشارة إليه أنّ هذا الصنف من التعليم الذي سأله موسى هو صنف تطبيقي وليس مجرد صنف نظري لأنّ علوم أهل الله تعالى علوم تطبيقية قالا وحالا يسبق فيها للمتعلّم التطبيق العلم والحكمة من باب قوله تعالى ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) وليست مجرّد علوم نظرية بمعنى أنّ العلم يتجلّى في السير الذي هو مناط التجليات في هذا الكون الواسع ...
كما يتحد العلم والتطبيق بالنسبة للمعلّم فيه وهذا من علوم الوارد كفي قصّة أبي يزيد البسطامي في دخوله دير النصارى وهكذا هي علوم أهل الله تعالى وفهمهم للاوامر والنواهي الإلهية فإنّ كلّ أمر وراءه علم وكلّ نهي وراءه علم لهذا احتجّ إبليس لعنه الله تعالى على آدم بأنّ منعه من الأكل من الشجرة سبب كونه أنّ الله تعالى ما أراد لهما الخلود في الجنّة فدخل عليهما من باب دعواه معرفة مقاصد الأوامر والنواهي ..
قال الخضر لموسى عليه السلام ( قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ) فأمره بعدم السؤال كي يحدث له بعد استجابته لهذا الأمر العلم الذي سأله منه فلمّا خالف موسى الأمر بعد أن أسعفه في العديد من المرات حرم منه بعد أن قال له ( قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ) وإنّما كانت تلك العلوم على تلك الشاكلة من الصبر والاتباع وعدم منازعة أهل الإختصاص في إختصاصهم الذي آتاهم الله تعالى وعلمّهم إياه لكون جنسهم من جنس تلك العلوم بحيث أنّ علومهم آنية وليست علوم ماضية أو مستقبلية بل تأتي في الحال والحين فهي من علوم الواردات.
لذا قيل ( الفقير الصوفي ابن وقته ) فلا يتعلق العارف بسابق ولا بلاحق بخلاف علوم الأحكام والفقهيات فهي للأمر العالم يشترك فيه الجميع فكانت علوم أهل الله تعالى علوم عالية راقية دقيقة جارية مجرى توحيدي صرف وعبودية مطلقة وهكذا هي علومهم الموروثة من علوم الأنبياء عليهم السلام كما قال عليه الصلاة والسلام ( العلماء ورثة الأنبياء ) فمن مشكاة النبوّة كانت علومهم فهي علوم إلهام من الله تعالى وهو العلم النافع الذي يحيي الله تعالى به العباد والبلاد قال الإمام الجنيد رضي الله عنه ( لو أنّي علمت أنّ تحت أديم السماء علم أشرف مما نتحدث فيه مع أصحابنا لسعيت إليه ) ..
لذا قيل في التصوّف في حدود تعريفه وتوصيفه أنّه من اشرف العلوم لتعلقه بالذات الإلهية كما قال تعالى ( يريدون وجهه ) أمّا الآخرون وإن تميّزت علومهم فهي لا تخرج عن دائرة الأكوان كرعاية المكان والزمان والبلاد والعباد .. فهي شريفة لكنها لا تلحق علوم السادة من العارفين بالله تعالى الذي قال الله تعالى فيهم ( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلّ من عند ربنا ) فما قال والمؤمنون يؤمنون به أو العلماء و ما ذكرهم بوصف العلم بل ذكرهم بوصف الرسوخ فيه وهذا أمر أعلى من مجرّد العلم لذا قالوا في أهل المعرفة بأنّهم راسخو القدم في حضرة القدم .. فالخضر منهم وكذلك أهل الكهف وأهل الصفّة وذي القرنين .. وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين ..
يتبع إن شاء الله تعالى ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق