إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الثلاثاء، 3 ديسمبر 2013

الحور والدرر من أنفاس سورة القدر 1

بسم الله الرحمان الرحيم -

الحمد لله الساري مدده بلا كيفية " ليس كمثله شيء "

والصلاة والسلام على النور المبين بجميع حقائقه وآله في مشارقه وغاربه 

وبعد :

فبداية السيرة انطلقت ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى:

 ( يا أيها المدثر قم فأنذر ).

أما بدية المسيرة فكان انطلاقها بقوله تعالى: ( اقرأ ).

وهذا يجرّنا الى الحديث عن معاني هذه المسيرة قبل السيرة فكان لا بد من ذكر مناسباتها وأحوالها ودلالاتها التي لا تنفك عنها , ثمّ أن الله تعالى أخبرنا أن نزول القرآن كان نزولا كاملا بمجمله في مسيرته الشريفة صلى الله عليه وسلم وأعني بذلك في مقام نبوّته المقدسة الشريفة وهذا ما نلتمسه اذا تفكّرنا في قوله تعالى:

 ( انّا أنزلناه في ليلة القدر ).

فهذا اخبار بنزوله جملة واحدة في ليلة واحدة بصريح النص وبما أن هذه الأيام تعد من ليالي التماس ليلة القدر فيها بصريح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فقد أحببت أن أفيض بما يتلوه الوارد بهذا الخصوص لمناسبته هذه الأيام الشريفة .

قال تعالى في سورة القدر: ( انا أنزلناه في ليلة القدر ).

أي كل القرآن اذا أرجعنا الضمير الى القرآن في قوله:

 ( أنزلناه ).

 ولو تلاحظ وكتبنا الكلمة هكذا " أنزلنا" لبقي معنا الضمير مهملا لا يدرى له كنه الا كنه الغائب أي الغيب وحرف " الهو " هو ضمير اشاري يراد به القرآن لذا لا نحسن أن نفصل الضمير المفعول به عن الفعل والفاعل لأن الفعل صادر من الفاعل على المفعول به , والفاعل عند قيامه بالفعل ذكر بصيغة الجمع " نحن " من حيث اعتبار صفات الفاعل الغير منفصلة عنه ولا متصلة به وهذا ما نلاحظه , لأن القرآن كلام الله وكلامه صفته النفسية فكيف يقع عليها الفعل والفعل انما قام بالصفة فنفهم تقدير الفاعل بضمير " نحن " ولذا قال :

( إنا نحن نزلنا  الذكر وانا له لحافظون ).

ولذاك سمي القرآن " بالتنزيل " فنفهم من هنا أن القرآن وقع عليه فعل التنزيل أي أنه كان قبل ذلك غير منزّل فزاد عليه فعل التنزيل ومن هنا وقع فهمه وتدبّره وقراءته , فلو لا هذا النزول بالتنزيل من فعل أنزل لما وصلنا القرآن رغم وجوده لأنه صفة دائمة بدوام الذات فانتفى قولنا أن الله تعالى تكلم بصوت وحرف ويتكلم ويسكت فهذا محال بالدليل القطعي وانما لما وقع به التنزيل صار فيه الحرف والتقاطيع لذا ذكر المنزل نفسه بصيغة " نحن " في هذه الآية لأنها تتضمّن الذات والفعل والصفة أي ظهر حكم الصفة والفعل وبرزا الى الظهور فظهر القرآن في تلك الصورة الأسمائية وذلك بقوله تعالى:

( اقرأ).

 وهذا نهاية الاعجاز القرآني في تنزيله ولما كان الأمر على هذه الكيفية كان ظهور المسميات ضرورية أبدا وهي الأشكال والصور والهيئات فكان نزول ألفاظ القرآن من جنس خلق الانسان وأنه آخر المخلوقات بصورته وأولهم بمعناه فكان الأمر بنظام محكم وهذا معنى الكلام الرباني في وجود المخلوقات كلها في العوالم كلها.

فحقيقة الانسان المعنوية قبل النزول الى الأرض هي بنفس حقيقة القرآن المعنوية قبل نزوله الى الأرض ولذا قال سبحانه:

( فإما يأتينّكم منّي هدى ).

فانه لا يصح نزول القرآن قبل نزول متلقّيه في المكان والزمان ( وهو الإنسان), وباعتبار أن القرآن كلام الله تعالى فانه يطلب جنسه ويتعلق به أي في المكان والزمان , فكان المكان هو قلب محمد صلى الله عليه وسلم والزمان هو ليلة القدر " فكانا من جنس القرآن والمراد بليلة القدر هي الصفات لذا نزل جملة واحدة فيها أي سرت مدلولاته العلمية في الأكوان بحسب سريان الصفات فيها فكأنهما شيء واحد عند الجمع وأما عند الفرق فلا لأن الفرق محل ظهور الأسماء وأعني بالجمع أي الفناء في الصفات المرموز لها بالحقيقة المحمدية.

لذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " قرآن يمشي على رجليه " وانما ذكر الزمان وهي ليلة القدر وذكر أيضا المكان وهو قلب محمد صلى الله عليه وسلم ( نزّله على قلبك ) لأن المكان والزمان متحدان في الصفات بخلاف الأفعال فهما متفارقان لذا قال سبحانه:

 ( ويوم عند ربك كألف سنة مما تعدّون ).

وعنده أي في غيبه التي هي صفاته وهو عالم الأنوار وفي هذا عاش الخضر عليه السلام فأنظر قوله :

( يوم عند ربك ).

فذكر اليوم في المكان بقوله " عند " وهذا مكان اعتباري من حيث الصفات لا مكان من حيث الأسماء لذا قال تعالى بصيغة التأكيد :

( انا أنزلناه في ليلة القدر ).

 فليلة القدر هي زمان قلب محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو المكان في قوله ( نزّله على قلبك ) فكان الله تعالى موجودا في كلّ مكان بصفاته كالرحمة والعلم والصفات لا تفارق الذات وأعني بالذات التي منها تجلّت تلك الصفات أما ما كان من طور هويتها المجهولة التي لم يقع بها تجلّيا أصلا فلا يمكننا ربطها بالمكان ولا بالزمان وإنّما غاية كلام العارفين ما خرج إلى التجلّي ( وتجلّى ربّه للجبل وخرّ موسى صعقا ) لذا تاب بعد هذا السؤال فهو أمر لا طاقة لمخلوق فهمه أو ذوقه فضلا عن رؤيته والنظر فيه .

وهذه اليلة خير من ألف شهر لأنها ليست بيوم ليقول فيها " خير من ألف سنة " فاليوم رمز الى الحضرة الالهية والليلة رمز الى الحضرة المحمدية وما بينهما في الفضل كما بين الألف سنة والألف شهر وهذا التعداد قد أقرّه النبي صلى الله عليه وسلم في تحديد الأجور من منطلق هذه الحقائق كأجر الصلاة في مكة والمدينة وبيت المقدس , لذا قال تعالى :

( ليلة القدر خير من ألف شهر ).

فذكر هنا الخيرية أما في اليوم فلم يذكر الخيرية بل قال تعالى " كألف سنة مما تعدون " أي الحضرة في تلك المرتبة المذكورة الذكر فيها في يوم واحد كمثل الذكر في ألف سنة مما تعدون " ومن هنا تم خلق السماوات والأرض في ستة أيام لتمام النظام في الحقائق " والله واسع عليم ".

قال تعالى:

( انا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ).

فذكر هنا ليلة القدر ثلاثة مرات , الاشارة الأولى مرتبطة بالقرآن والاشارة الثانية في تعظيمها وحسب والاشارة الثالثة في ذكر نسبيتها وتعدادها أي أنها مهما عظمت فهي لا تخرج عن الحيز والكم والكيف أو تقول الأولى اشارة الى سريان قيامها بالصفات في مقام الذات والثانية ذكرها محجوبة عن الذات لذا عظمت في عين الناظر والثالثة في مقام الأسماء لذا حدّها بالعدد والخيرية , ثم شرع في تفصيلها أي من منطلق حقيقتها بتفسير العلم الالهي لها بالمنظور الالهي .

وسنزيد في هذا المحل بيانا وتبيانا.

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل 

والسلام 

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È