بسم الله الرحمان الرحيم -
قال الناظم رضي الله عنه :
لَكِنَّ الْحَقَّ كَسَانِي--- لاَ يَصِلْ بَصْرُكْ إِلَيَا
تَرَانِي وَلاَ تَرَانِي --- لَأَنَّكْ غَافِلْ عَلَيَا
كما قيل من شدّة الظهور الخفاء وإنّما كساه بحلل الأنوار فهي ظاهرة عليه بادية فيه كما قال تعالى:
( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ).
إلاّ أنّ العلّة في البصر والران في البصيرة لذا قال رضي الله عنه: ( لا يصل بصرك إليّ ) أي لا يتجاوز نظرك ظاهر البشرية لأنّ العبد متى لم يبصر صلة شيخه بربّه وإرادته وجهه فهو غافل عنه لا يصل إليه لهذا قال سيدي حكيم الصوفية ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه :( سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلاّ من حيث الدليل عليه ولم يوصل إليهم إلاّ من أراد أن يوصله إليه ) فالوصول إليهم إنّما يقع بالبصر وذلك أن تبصر أحوالهم القلبية ومقاصدهم الروحية بما تعاينه من دلالتهم في أحوالهم وأقوالهم على الله تعالى وما تستشعره بقلبك من قرب وفي فؤادك من حال جذب كما قال حنظلة الصحابي رضي الله عنه :( يا رسول الله إنا إذا كنّا عندك وذكرت الجنّة والنار فكأنّما نراها رأي العين ).
لذا قال الناظم رضي الله عنه :( لكن الحقّ كساني --- لا يصل بصرك إليّا )
وإنّما كساه في باطنه حلل الأنوار وبدائع الأسرار ففاض كأس باطنه على ظاهره فصرّح بما يحكيه في هذه القصيدة وغيرها رضي الله عنه كما ورد في الحديث عن الله تعالى ولله المثل الأعلى ( حجابه النور ) فسبحان من جعل حجابه النور فخفي عن الأنظار وشاهدت نوره الأبصار في مختلف الأزمنة والأمصار كما قال تعالى ( الله نور السماوات والأرض ) وكذلك سبحانه أنّه ( بديع السماوات والأرض ) بعد أن أحسن كلّ شيء خَلَقَه.
قال الناظم رضي الله عنه :( تراني ولا تراني --- لأنّك غافل عَليّا )
كما غفل الكفّار عن الرسول صلى الله عليه وسلّم قال تعالى:
( وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ).
فلو أبصروه لاتّبعوه لذا قال تعالى :
( قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله ).
أي إذا كان توجّهكم إلى ربّكم قصدا محبّته ورغبة في القرب منه ومعرفته فإنّ هذا كفيل بأن يفتح أبصار قلوبكم ومدارك أرواحكم فتروني الموصّل والدليل والمزكّي العارف المسلّك الأمين فتأتون إليّ متّبعين سامعين طائعين بعد أن ألقى الله تعالى في قلوبكم محبّتي إذ بمحبّتكم لي أوصلكم إلى محبّة ربّكم فكأنّه يقول : أنا طريق المحبّة وعليها يعرج السالكون ويصل السابقون أولست حبيب الله.
ولكنّك متى انحجبت عليّ فأنت حتما تراني من حيث البصر ولا تراني من حيث البصيرة متى علمت أنّ بصر الإيمان هو بصر القلب فإنّ وصلتك بربّك والعلاقة التي تربطك به هي علاقة إيمان فمتى آمنت به فيكون بصرك الذي تبصر به فتعرف بذلك أحبابه من أعدائه وإلاّ فكيف يكون باستطاعة العبد أن يرى الغائب أو يشاهد الباطن كما قال تعالى في حقّ إبراهيم عليه السلام :
( وكذلك نوري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) فلم ير هو بنفسه فليس بامكانه فعل ذلك ولو حرص عليه وإنّما الله تعالى هو الذي أراه لذا قال إبراهيم عليه السلام :
( ربّ أرني كيف تحيي الموتى ) .
وكذلك قال موسى :
( ربّ أرني أنظر إليك ).
فالذي يريك هو الله تعالى إذ ليس في مقدور العبد رؤية عوالم الأنوار و رجالاته إلاّ ببصر الإيمان وهو ما سيأتي عليه الناظم لاحقا في البيت الذي بعد هذا البيت إذ ليست لك رابطة نورية بينك وبين الله تعالى إلاّ رابطة الإيمان فهو حبل الله الممدود وفضله عليك المشهود.
لذا قال رضي الله عنه :( تراني ولا تراني ) وماذا سأفعل لك بعد أن شاهدت بشريتي فحجبتك عن عبوديتي لربي فلم تراني ببصر الإيمان ولا بروح الإحسان وهذا مقام الغفلة عن الله تعالى كما ورد في القصّة عن سيّدنا موسى عليه السلام لمّا ذهب إلى رجل إسمه بلخ كي يستستقي لهم فقيل ( فعرفه موسى بنور الله ) وكذلك عرف الخضر بنور الله تعالى وهكذا هم أهل الله تعالى يعرفون بعضهم بعضا بنور الله تعالى كما ورد في الحديث ( الأرواح جنود مجنّدة ما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها إختلف ) وقد قال تعالى:
( وجعلناكم شعوبها وقبائل لتعارفوا ) أي تعارفوا عندي في حضرتي فتجمعكم حضرتي بعد أن قلت لكم ( إنّما المؤمنون إخوة ) فلا تنحجبوا بألوانكم ولا بألسنتكم ولا بطبقات بشريتكم وإنّما اللقاء حيث عالم البقاء كما قال سيّد الوجود عليه الصلاة والسلام ( لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلاّ بالتقوى ) لهذا قال تعالى بعد آية التعارف ( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ) فساواك البشر في هذه المرتبة التي تسقط فيها الخصوصيات والنسبيات ... فيكون هذا الجمع في عالم الملكوت وهو عالم الأنوار وهو عالم المعاني فإنّ الأرواح مادّتها واحدة وكذلك المقاصد القلبية ... وإنّما وقع التفارق من حيث الظاهر فقط هذا لمن اتّبع منهاج ربّه سبحانه.
فكأنّ الناظم رضي الله عنه حزين لمّا يرى الخلق تراه ولا تراه فلو رأوه لآتوه راغبين سامعين طائعين ...
وإنّما ذكر هنا ( لأنّك غافل عليّا ) فلأنّ الغفلة محلّها القلب وليس مجرّد النظر الظاهر فلو كان العبد يقظا يقظة قلوب لرأى الأمور بنور الله تعالى فلا يدخل عليه وهم ولا يتسلّط عليه وسواس كما قال أبو بكر رضي الله عنه لمّا أخبروه بإسراء ومعراج النبيّ عليه الصلاة والسلام ( إن كان قاله فقد صدق ) لأنّه على بصيرة من صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام فكيف متى قال الله تعالى:
( ومن أصدق من الله قيلا ) ...
يتبع إن شاء الله تعالى ...
قال الناظم رضي الله عنه :
لَكِنَّ الْحَقَّ كَسَانِي--- لاَ يَصِلْ بَصْرُكْ إِلَيَا
تَرَانِي وَلاَ تَرَانِي --- لَأَنَّكْ غَافِلْ عَلَيَا
كما قيل من شدّة الظهور الخفاء وإنّما كساه بحلل الأنوار فهي ظاهرة عليه بادية فيه كما قال تعالى:
( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ).
إلاّ أنّ العلّة في البصر والران في البصيرة لذا قال رضي الله عنه: ( لا يصل بصرك إليّ ) أي لا يتجاوز نظرك ظاهر البشرية لأنّ العبد متى لم يبصر صلة شيخه بربّه وإرادته وجهه فهو غافل عنه لا يصل إليه لهذا قال سيدي حكيم الصوفية ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه :( سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلاّ من حيث الدليل عليه ولم يوصل إليهم إلاّ من أراد أن يوصله إليه ) فالوصول إليهم إنّما يقع بالبصر وذلك أن تبصر أحوالهم القلبية ومقاصدهم الروحية بما تعاينه من دلالتهم في أحوالهم وأقوالهم على الله تعالى وما تستشعره بقلبك من قرب وفي فؤادك من حال جذب كما قال حنظلة الصحابي رضي الله عنه :( يا رسول الله إنا إذا كنّا عندك وذكرت الجنّة والنار فكأنّما نراها رأي العين ).
لذا قال الناظم رضي الله عنه :( لكن الحقّ كساني --- لا يصل بصرك إليّا )
وإنّما كساه في باطنه حلل الأنوار وبدائع الأسرار ففاض كأس باطنه على ظاهره فصرّح بما يحكيه في هذه القصيدة وغيرها رضي الله عنه كما ورد في الحديث عن الله تعالى ولله المثل الأعلى ( حجابه النور ) فسبحان من جعل حجابه النور فخفي عن الأنظار وشاهدت نوره الأبصار في مختلف الأزمنة والأمصار كما قال تعالى ( الله نور السماوات والأرض ) وكذلك سبحانه أنّه ( بديع السماوات والأرض ) بعد أن أحسن كلّ شيء خَلَقَه.
قال الناظم رضي الله عنه :( تراني ولا تراني --- لأنّك غافل عَليّا )
كما غفل الكفّار عن الرسول صلى الله عليه وسلّم قال تعالى:
( وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ).
فلو أبصروه لاتّبعوه لذا قال تعالى :
( قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله ).
أي إذا كان توجّهكم إلى ربّكم قصدا محبّته ورغبة في القرب منه ومعرفته فإنّ هذا كفيل بأن يفتح أبصار قلوبكم ومدارك أرواحكم فتروني الموصّل والدليل والمزكّي العارف المسلّك الأمين فتأتون إليّ متّبعين سامعين طائعين بعد أن ألقى الله تعالى في قلوبكم محبّتي إذ بمحبّتكم لي أوصلكم إلى محبّة ربّكم فكأنّه يقول : أنا طريق المحبّة وعليها يعرج السالكون ويصل السابقون أولست حبيب الله.
ولكنّك متى انحجبت عليّ فأنت حتما تراني من حيث البصر ولا تراني من حيث البصيرة متى علمت أنّ بصر الإيمان هو بصر القلب فإنّ وصلتك بربّك والعلاقة التي تربطك به هي علاقة إيمان فمتى آمنت به فيكون بصرك الذي تبصر به فتعرف بذلك أحبابه من أعدائه وإلاّ فكيف يكون باستطاعة العبد أن يرى الغائب أو يشاهد الباطن كما قال تعالى في حقّ إبراهيم عليه السلام :
( وكذلك نوري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) فلم ير هو بنفسه فليس بامكانه فعل ذلك ولو حرص عليه وإنّما الله تعالى هو الذي أراه لذا قال إبراهيم عليه السلام :
( ربّ أرني كيف تحيي الموتى ) .
وكذلك قال موسى :
( ربّ أرني أنظر إليك ).
فالذي يريك هو الله تعالى إذ ليس في مقدور العبد رؤية عوالم الأنوار و رجالاته إلاّ ببصر الإيمان وهو ما سيأتي عليه الناظم لاحقا في البيت الذي بعد هذا البيت إذ ليست لك رابطة نورية بينك وبين الله تعالى إلاّ رابطة الإيمان فهو حبل الله الممدود وفضله عليك المشهود.
لذا قال رضي الله عنه :( تراني ولا تراني ) وماذا سأفعل لك بعد أن شاهدت بشريتي فحجبتك عن عبوديتي لربي فلم تراني ببصر الإيمان ولا بروح الإحسان وهذا مقام الغفلة عن الله تعالى كما ورد في القصّة عن سيّدنا موسى عليه السلام لمّا ذهب إلى رجل إسمه بلخ كي يستستقي لهم فقيل ( فعرفه موسى بنور الله ) وكذلك عرف الخضر بنور الله تعالى وهكذا هم أهل الله تعالى يعرفون بعضهم بعضا بنور الله تعالى كما ورد في الحديث ( الأرواح جنود مجنّدة ما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها إختلف ) وقد قال تعالى:
( وجعلناكم شعوبها وقبائل لتعارفوا ) أي تعارفوا عندي في حضرتي فتجمعكم حضرتي بعد أن قلت لكم ( إنّما المؤمنون إخوة ) فلا تنحجبوا بألوانكم ولا بألسنتكم ولا بطبقات بشريتكم وإنّما اللقاء حيث عالم البقاء كما قال سيّد الوجود عليه الصلاة والسلام ( لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلاّ بالتقوى ) لهذا قال تعالى بعد آية التعارف ( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ) فساواك البشر في هذه المرتبة التي تسقط فيها الخصوصيات والنسبيات ... فيكون هذا الجمع في عالم الملكوت وهو عالم الأنوار وهو عالم المعاني فإنّ الأرواح مادّتها واحدة وكذلك المقاصد القلبية ... وإنّما وقع التفارق من حيث الظاهر فقط هذا لمن اتّبع منهاج ربّه سبحانه.
فكأنّ الناظم رضي الله عنه حزين لمّا يرى الخلق تراه ولا تراه فلو رأوه لآتوه راغبين سامعين طائعين ...
وإنّما ذكر هنا ( لأنّك غافل عليّا ) فلأنّ الغفلة محلّها القلب وليس مجرّد النظر الظاهر فلو كان العبد يقظا يقظة قلوب لرأى الأمور بنور الله تعالى فلا يدخل عليه وهم ولا يتسلّط عليه وسواس كما قال أبو بكر رضي الله عنه لمّا أخبروه بإسراء ومعراج النبيّ عليه الصلاة والسلام ( إن كان قاله فقد صدق ) لأنّه على بصيرة من صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام فكيف متى قال الله تعالى:
( ومن أصدق من الله قيلا ) ...
يتبع إن شاء الله تعالى ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق