إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

الحقائق العليا 1

بسم الله الرحمان الرحيم - 

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين 

القرآن هو تفسير للتوحيد قبل كلّ شيء فذكر الله تعالى فيه حقائق ثلاث :

حقيقة أسمائه وحقيقة صفاته وحقيقة ما عليه ذاته من عظمة ..

وبذلك ذكر من العلوم ثلاثة علوم:

علم العقول وعلم القلوب وعلم الأرواح.

فجعل متعلّق علم العقول الأسماء ومتعلّق علم القلوب الصفات ومتعلّق علم الأرواح الذات.

قال تعالى :

( الحمد لله رب العالمين ).

التي هي أوّل استفتاح في سورة الفاتحة كما أنّها أخر دعاء أهل الجنّة من الملائكة وغيرهم في الجنّة.

فقوله ( الحمد لله ) ألوهية وقوله ( رب العالمين ) ربوبية فلو لا الألوهية ما صحت عبودية ولو لا الربوبية ما صحّت خصوصية فكان لك إلها من حيث كونك عبدا وكان لك ربّا من حيث كونك مخلوقا فشاركك جميع الخلق أحكام الربوبية لكنك انفردت مع من كان على شاكلتك بأحكام العبودية.

وجّهك إلى مطالب أسمائه بقوله :

( إقرأ بإسم ربّك الذي خلق خلق الإنسان من علق ).

فذكر لك هنا الصفة المادية ثمّ وجّهك إلى مطالب صفاته بقوله:

( إقرأ وربّك الأكرم الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم ).

فذكر لك الصفة العلمية بعد الصفة المادية فجعل لك قراءتان:

الأولى في عالم العقل وما يدرك بالحواس.

والثانية في عالم القلب وما يدرك به كتدبّرك للقرآن.

ثمّ أوضح لك العلم بوجود ذاته سبحانه في دلالة إسمه عليه الذي هو إسم الذات وهو قولنا ( اللــــه ) وذلك في قوله : ( بإسم ربّك ) أي إسم الربوبية الذي هو إسم الجلالة ( اللـــه ) لذا قال لك سبحانه :

( إنّ ربّكم اللـــــــــــــه الذي خلق السماوات والأرض في ستّة أيّام ثمّ استوى على العرش ).

فاستوى إسم الألوهية على عرش الربوبية كي تسري حقائق ذلك الإسم في كلّ إسم ومسمّى به لذا قال تعالى:

( وعلّم آدم الأسماء كلّها ).

فما قال " وأنبأنا آدم الأسماء كلّها " بل قال تعالى : ( وعلّم آدم ). فالتعليم غير الإنباء بل يسبق التعليم الإنباء " العلماء ورثة الأنبياء " فما ورّثوا غير العلم وليس الإنباء " فافهم "

لهذا قال تعالى:

( الرحمان علّم القرآن ).

فالتعليم شيء والإنباء شيء آخر أمّا بخصوص الملائكة فقد قال لهم:

( أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ).

فما قال لهم مثلا " أذكروا لي علم الأسماء " إذ لو قال ذلك لتعيّن أن يذكروا الأسماء كلّها لأنّ التعليم وقع عليها , لهذا قال لآدم بعد ذلك:

( يا آدم أنبئهم بأسمائهم ). فما قال له هنا " علّمهم أسماءهم " إذ لو قال لهم علّمهم أسماءهم لتعيّن عليه تعليمهم جميع الأسماء لأنّها أسماء موصولة بالإسم الجامع الذي هو اللـــه جلّ جلاله ... قال تعالى:

( فلمّا أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم أنّي أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ).

فأوضح لهم هنا طبيعة ذلك الإنباء الصادر من آدم بالأمر الإلهي وأنّ متعلّقه عالَمين هما عالم السماوات وعالم الأرض هذا بداية ثمّ نهاية ذكر لهم عالَمين آخرين هما عالم العلم اللاحق وعالم العلم السابق لأنّ الغيب لا ينفصل عن الشهادة والسابق لا ينفصل عن اللاحق لقوله تعالى:

( هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن ).

فهذه أربعة عوالم ومن هنا كان الأفراد أربعة كما كان الخلفاء أربعة واحد أوّل ظاهر وثاني آخر باطن ...

قال تعالى:

( وعلّم آدم الأسماء كلّها ).

فهذا الخبر إعلام لنا لا إلى الملائكة وإنّما غاية علم الملائكة في معرض إستفسارها أنّها علمت بتعليم الأسماء لآدم لمّا واجههم بالسؤال ( أنبؤوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ) ثمّ قال :

( قلنا يا آدم أنبئهم بأسمائهم ).

فهنا علموا يقينا وجهة آدم في الخلافة وذلك في قوله تعالى:

( وعلّم آدم الأسماء كلّها ). كلية تعليم الأسماء ... وهو المراد بالقطبانية العظمى في الوجود على ألسنة أهل الله تعالى ..

فجعل آدم خليفة في الأرض من حيث مقام ربوبيته وليس من حيث مقام ألوهيته فإنّه لا إله إلاّ اللــــه.

فما جعل لك أمرا من ظاهر أو باطن مما وفقك الله تعالى إليه إلاّ من حيث ربوبيته التي هي رعايته لك وحفظه لك وتيسيره ورحمته بك وفضله عليك أمّا من حيث ألوهيته فليس لك من الأمر من شيء " فإذا سألت فأسأل الله وإذا إستعنت فاستعن بالله واعلم ... " أي اعلم الحقيقة الكلية متى كنت من أهل البقاء بالله تعالى من باب " من لم يشكر الناس فلم يشكر الله " . 

خرج آدم عليه السلام في صورته الأسمائية وخرج عيسى في صورته الصفاتية أمّا سيّد المرسلين فخرج في صفته الأسمائية والصفاتية فكان دالاّ على الذاتية فكان الجميع تحت حكمه فقال : " أنا سيّد ولد آدم ولا فخر "  .( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ). وكذلك الأمر فمن أحبّ الرسول فقد أحبّ الله ... لذا قالوا أنّ الفناء في المحبّة مقدماته الفناء في محبّة المؤمنين حتى يكونوا كالجسد الواحد وفناء في محبّة المرشد الوليّ المأذون ثمّ فناء في محبّة الرسول صلى الله عليه وسلّم فهذه كلّها طريقا تأخذ بالعبد إلى الفناء في محبّة الله تعالى.

لهذا كان في أمّته عليه الصلاة والسلام مجموع ما كان في الأمم السابقة مع زيادة ما اختصت به أمّته فكان أصناف المسلمين ثلاثة :

صنف أهل عقول وصنف أهل قلوب وصنف أهل أرواح فأهل العقول عوام أرضيين وأهل القلوب خواص سماويين وأهل الأرواح خاصة الخاصة جبروتيين ...

فإذا جمع الوليّ فيما بينها كان من الكاملين وتابع لسيد المرسلين ( أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ). 

فجاء القرآن ذاكرا لكلّ شيء وتفصيلا لكلّ شيء ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) كلّ مرتبة وكلّ علم وكل حقيقة وكل حال أو مقام أو وصف كما قال عليه الصلاة والسلام: " القرآن لا تنقضي عجائبه "أي آياته واسراره متى علمت قولها ( قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيب ). 

قلت : هناك حقائق كثيرة في القرآن أعلاها الحقائق العليا المصونة التي هي حقائق التوحيد المطلق من كلّ وجه كوجه العلم ( وفوق كل ذي علم عليم ) ووجه الرحمة ( وسع كل شيء رحمة ) ووجه الصدق ( ومن أصدق من الله قيلا ) ...

وهكذا في كلّ وجه ومن كلّ وجه فلا يمكنك أبدا أن تحتجّ بوصف آتاكه الله تعالى كوصف العلم أن تحتجّ به عليه أو على حقيقة من حقائق صفاته .. كإرادته وعلمه وتخصيصه أو قدرته أو اختياره .. إلخ. 

فلا يجوز إستعمال العلم احتجاجا به على صفات المعلوم ولكن يحتج بصفات المعلوم على العلم أمّا ذات المعلوم فأنّى يصلها العلم ( وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلا ) فبحثك في الحقيقة لا يكون عن العلم وإنّما عن المعلوم بداية فمتى وصلت إلى المعلوم اتضح عندك العلم به صفاتا مستدلاّ بذلك على ذاته وهي مرتبة المشاهدة فليس بعد العين أين أي ليس بعد العين علم لذا وصف المحشر بالرؤية ولم يصفه بالعلم كقوله :( يوم ترى ) أمّا في غير ذلك فقال له :( وقل رب زدني علما ).

أمّا متى اتبعت العلم كي تصل إلى المعلوم فلا يكون ذلك إلاّ بعلم صحيح يدلك والا بطل التصور كي تعلم أنّه يوجد علم غير صحيح كعلم السحر وكعلم الدجل من باب كذب المنجمون ولو صدقوا وكعلم الشيطنة فهي علوم فاسدة واستعمال الشيء في غير محله الذي وضع له كأن تجعل علوم القرآن مطية إلى الدنيا أو علم الدين مطية إلى الشهرة أو علم الولاية مطية إلى الكرامة والظهور ..

فهذا كفصيل علم السحر فما ذمّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم الدين ولكن ذمّ من انتسب إليه بغير حق وما ذمّ صلاة الخوارج بل ذمّ المصلين منهم وما ذمّ صومهم بل ذمّ الصائمين منهم وما ذمّ القرآن بل ذمّ القارئين منهم ...

قلت : ما وقع فيه الكثير من الفرق الإسلامية من خطأ في تحرير المسائل الدينية والعقائد التوحيدية إنّما لعدم معرفتهم بالمعلوم لذا قال محمد ابن سيرين رضي الله عنه ( إنّ هذا العلم دين فاعرفوا عمّن تأخذون دينكم ) ...

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È