إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الاثنين، 25 نوفمبر 2013

شرح قصيدة ( يا من تريد تدري فنّي ) لسيدي الشيخ العلاوي رضي الله عنه 1

بسم الله الرحمان الرحيم - 

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه 

كان قد طلبّ منّي أخونا في الله تعالى سيدي خادم أهل الله أن أقدّم شرحا وبيانا على هذه القصيدة الغرّاء يفتح مغالقها وينثر أسرارها وأنوارها فخطر ببالي أنّ أخانا العارف بالله تعالى سيدي أبا سيف حفظه الله تعالى قد شرح بشرحها الفؤاد وبيّن خلال بيانه غاية المراد فأردت إحالة أخانا سيدي خادم أهل الله تعالى على رابط الشرح في منتدى مواهب المنان وهو منتدى مريدي الشيخ إسماعيل الهادفي رحمه الله تعالى ورضي عنه كي يتمتع بقراءة ذلك الشرح الحسن القيّم.


فجزاك الله خيرا على حسن ظنّك بالعبد الضعيف ولكن اعلم سيدي خادم أهل الله أنّ شرح أخينا سيدي أبي سيف حفظه الله تعالى غاية في التحقيق والإبداع فلا مزيد عليه بحسب رأيي بل شرحه يحتاج إلى شرح وبيان كيف لا وهو يتكلّم بلسان الذائق العارف فإنّه يتلوه شاهد منه وهكذا هي شروح أهل الله تعالى فهي تلاوة الشواهد منهم ولكن لا بأس متى كان طلبك ملحّا وخصوصا أنّك استحلفتني بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم أن أستخرج فكرتي في هذه القصيدة وإن كنت لم أبلغ مبالغ ذوقها شهودا ولا فهم مداركها تحقيقا وجودا ولكن أسأل الله تعالى من فضله أن يفتح على قلبي بعض من أنوارها وحقائق أسرارها . 

يقول الشيخ الناظم الأبر القطب الأشم الأعم المشهور بتلقين الإسم الأعظم سيدي أحمد بن مصطفى العلاوي رحمه الله و رضي عنه وقدس سرّه العزيز : 

(يا من تريد تدري فنّي فاسأل عنّي الألوهية -- أمّا البشر لا يعرفني أحوالي عنه مخفية )

قلت : 

السؤال عن فهم حقائق أهل الله تعالى ومرتبتهم في الوجود وذلك بإدراك مشاهدهم ومعرفة دقائقهم وذوق معارفهم لا يستجلب بالفكر وصنعة العقل لما تحمله بواطنهم من حقائق إلهية و اسرار رحمانية  فدلّك الناظم هنا على إستكشاف هذا الأمر عند صاحب الأمر وهو الله تعالى الذي أمدّهم بجمال أنواره وأتحفهم بمكنون أسراره فقال رضي الله عنه : 

( يا من تريد تدري فنّي فاسأل عنّي الألوهية ). 

أي لا تتوجّه بالسؤال عن الشيخ المربّي خصوصا ومنه جميع أهل الله تعالى إلاّ عند الله تعالى فكيف يكون بالأحرى إذن سؤالك عن قطب الزمان وإمام الوقت والأوان الذين سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه منهم وإنّما طلب أن تسأل عنه عند الألوهية كي يقطع عنك جميع أوهامك ويلحقك بغاية أمانيك وأحلامك فإنّ الشيخ لا يسأل عنه إلاّ عند الله تعالى ( إنّه كان بعباده خبيرا بصيرا ) كما كان الله تعالى لا يسأل عنه إلاّ عند أهل الله تعالى.

 فأراد الناظم هنا أن يدلّك على الله تعالى من أقرب طريق كي لا يحجبك به عن الله تعالى فإنّ الشيخ متى كان حجابا عن الله تعالى كان مقطوع النسب كما قيل ( لقيط لا أب له ) ثمّ متى تدبّرت في معنى قوله ( فاسأل عنّي الألوهية ) تدرك أنّه ما دلّك على نفسه كي تشاهد بشريتها فتغترّ بها فتحجبك عن خالقها وبارئها , فكلّ هذه المعاني وغيرها نجدها في قوله تعالى ( وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) وتفسير هذا أنّ الله تعالى أشار لنا أنّ السؤال عنه لا يتحقّق إلاّ عند رسوله عليه الصلاة والسلام ومنه بقيّة الورّاث المحمّديين لقوله تعالى ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ). 

فلمّا قال تعالى ( وإذا سألك عبادي عنّي ) محا وجود النبيّ عليه الصلاة والسلام بوجود وجوده ونفى شهوده بظهور شهوده وذلك تراه في قوله كما قال السادة العلماء رضي الله عنهم ( فإنّي قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) من غير ورود قوله ( قل ) كما في بقية الآيات الأخرى حين ورود السؤال عن مسائل يحتاج الصحابة الكرام رضي الله عنهم لمعرفتها فاختفاء جواب رسول الله عليه الصلاة والسلام في الآية دليل على عدم وجوديته وشهوديته في هذا المقام العالي وهو مقام السؤال عن الله تعالى.

 فكان هنا عليه الصلاة والسلام مظهر الأسماء والصفات فلا وجود في هذه الحالة من حالات الفناء عن عالم الأكوان غير شهود أنوار المكوّن سبحانه فكان الكلّ منه وإليه , وهكذا الشيخ ما هو غير مظهر صفاتي في الحقيقة يدلّك الله تعالى به عليه لذا قال سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه ( سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه ول يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه )

 فهنا في هذه الحكمة هناك مرتبتان : مرتبة أولى وهي للدلالة ومرتبة ثانية وهي للوصول , فالأولى لأهل الأنوار والثانية لأهل الأسرار , فقد يدلّك الله تعالى على الشيخ ولا يكون لك وصول إليه , ولكن متى أوصلك إليه أوصلك الله تعالى إليه , فالمرتبة الأولى في هذه الحكمة للإستدلال والثانية للوصال فليس كلّ مستدلّ واصل ولكنّهما درجتان محمودتان كأصحاب اليمين والسابقين أو الأبرار والمقرّبين ....

قال الناظم رضي الله عنه ( يا من تريد تدري فنّي فاسأل عنّي الألوهية ). 

الفنّ غالبا ما يكون الصنعة والحرفة الدقيقة أوالإختصاص الجميل فإنّ لكل فنّ رجاله ولكلّ ميدان فرسانه ومن لا يقول بالإختصاص فهي علامة منه على الإنتقاص لقوله عليه الصلاة والسلام ( اعملوا فإنّ كلّ ميسّر لما خلق له ).

 فلمّا كانت فنون المشائخ الواصلين هي تربية المريدين والعروج بأرواحهم إلى حضرة الشهود والتمكين أخبر الناظم رضي الله عنه هنا أنّ هذا الفنّ لا يكتسب بحيلة ولا إليه في الخلائق في الجلب من وسيلة غير وسيلة الإلتجاء إلى الله تعالى في معرفته وادراكه.

فكانت المرتبتان بين أمرين كما في طريق أهل الله تعالى : الأوّل : أمر السلوك , الثاني : أمر الجذب , أو تقول جذب ثمّ سلوك أو سلوك ثمّ جذب , فالأوّل وهو أن تسأل عند الله تعالى عن أهله كي يرجعوك من الجذب إلى السلوك , والثاني وهو الأصل أن تسأل عن الله تعالى عند أهله كي يأخذوك من السلوك إلى الجذب , فأراد الناظم هنا مزج الطريقتين والفوز بالحسنيين فهو يريد الجذب ابتداء ثمّ يسلك بك انتهاء أو متى فهمت عنه يسلك بك إبتداء ثمّ يدخلك بحر الفناء انتهاء وفي هذا شواهد كثيرة من الكتاب والسنّة وفي أقوال أهل الله تعالى نظما ونثرا.

ففي كلّ هذا ما أراد الناظم رضي الله عنه غير دلالتك على الله تعالى وذلك بجمعك عليه كما قال تعالى ( وإذا سألك عبادي عنّي ) فهو يجمعهم سبحانه على النبيّ عليه الصلاة والسلام , فمتى سألوه في هذا المقام عليه الصلاة والسلام غاب محمّد صلى الله عليه وسلّم و وجدوا الله عنده وذلك في قوله ( فإنّي قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) فكان الناظم رضي الله عنه يمهّد الطريق للسالكين كي يدلّهم على ربّ العالمين كما قال الشيخ الأكبر في قصيد له ( ما حرمة الشيخ إلاّ حرمة الله --- فقم بها لله أدبا مع الله ). 

يتبع إن شاء الله تعالى ...

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È