إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الاثنين، 25 نوفمبر 2013

أسئلة مخصوصة لسيدي علي الصوفي 41

بسم الله الرحمان الرحيم -

الحمد لله العليم الحكيم
والصلاة والسلام على المرسول رحمة للعالمين وآله كواكب أمن البريّة وصحابته سفينة السلامة والنجاة.

وبعد :

نكمل إن شاء الله الجواب بما يتيسّر على السؤال السابق :

إعلم سيدي فارس النور حباك الله بفضله وأتمّ عليك دوام الفرحة والسرور , أنّ سؤال قضاء الحاجة من الحاجات في الدنيا أو الدين يكون بين أمر من أمرين إمّا أن تقضيها بالله تعالى فتكون في حقّ العبد تيسيرا وفرجا وقربة من الله تعالى وإمّا أن تقضيها بمعزل عن التوجّه إلى الله تعالى في قضائها فتكون تعسيرا وبعدا عن الله تعالى فليست الحاجة في حقيقتها بمعزل عن هذه النتيجة لأنّ الأشياء مهما كانت في حقّك إمّا أن تكون قربة إلى الله تعالى وإمّا أن تكون بعدا وإدبارا عن الله تعالى.

 فليس المقصود ولا المهمّ الفوز بقضاء الحاجة والفرح بذلك بقدر ما يكون الفرح بقضائها بطريقة يحبّها الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم , إذ أنّ المدد الرباني من التوحيد والمحبّة والقربة والطاعة يسري في كلّ شيء فعلته باسم الله تعالى فلا يسأل أحدنا قضاء حاجته إلا عن طريق الله تعالى حتى يكسبه ذلك مددا في دينه ومعرفة بربّه وما هي عليه حقائق الأمور.

 من هنا إفترق الناس في سبل قضاء حوائجهم , فمن الناس لا يكون همّه إلا قضاء حوائجه النفسية بغضّ الطرف عن الكيفية والأسلوب وبغضّ الطرف عن إستشعار الإيمان والكفر أو الحلال والحرام لأنّ النفس خسيسة لا يهمّها غير الفوز بمرغوبها والشيطان لا يهمّه في كلّ هذا غير إبعاد العبد عن نسائم الحضرة من التوحيد والمعرفة والقرب من الله تعالى لذا إستعمل الشيطان لعنه الله تعالى في محاربة بني الإنسان طرقا ثلاثة :

الطريق الأوّل : محاربتهم في التوجّه إلى الله تعالى عن طريق الأسماء في عالم المادة والظهور.

الطريق الثاني : محاربتهم في التوجّه إلى الله تعالى عن طريق الصفات وهذا باب الإعتقاد من حيث الضرّ والنفع وهو مجال دخول الشرك والكفر والعياذ بالله تعالى.

الطريق الثالث : محاربتهم في التوجّه إلى الله تعالى عن طريق القعود في طريق السالكين حتى لا يصلوا إلى تلك المرتبة فينجون منه ومن تلبيساته.

فإنّه متى لم يتمكّن منك في الطريقة الأولى فحاربته بالشرع وذلك بالإستقامة على الشرع والطاعة إنتقل معك إلى الطريقة الثانية فمتى لم يتمكّن منك في هذا الطريق الثاني وذلك بالسلوك والتخلية والتحلية إنتقل معك إلى الطريقة الثالثة فمتى لم يتمكّن منك في هذا الطريق الثالث وذلك بالعبودية التامة الكاملة إعتزل بعيدا يبكي وحثا التراب على رأسه فليس يغيظ الشيطان أحد من العباد أكثر من غيظه من أهل الله تعالى.

قلت : بالنسبة للوهابية عندما ينكرون على أهل السنّة مسألة التوسّل بالأنبياء والأولياء والإستغاثة وما جرى مجرى هذا فذلك لخلطهم الكبير بين عالمين وهما : العالم الربّاني والعالم الروحاني ففي هذه المسألة إختلطت عندهم الأمور فخلطوا بين العالمين فحملوا الربّانية على الروحانية فإنّ كلّ ما هو من جنس الشرك المذكور في القرآن كعبادة المشركين للأصنام وإعتقادهم فيها وأنّها إله مع الله تعالى إنّما سببه عالم الجنّ والشياطين وعالم الروحانيات بأسره فليس هناك من العالم الربّاني شيء في ذلك فصار هنا الخلط عندهم فلم يميّزا هذا عن ذاك , فحملوا التصريف بالجنّ والروحانيين بصفة عامّة على التصريف بأسماء الله تعالى التي هي من شؤون أهل الله تعالى أو تقول من شؤون التوحيد وهناك فرق شاسع واسع بينهما كما لا يخفى على المحقّق من الناس.

نعم هذه أمور دقيقة متى يتناولها المرء بالتفصيل لكنّها تبقى أمور واضحة بالنسبة لأهل الإيمان من حيث الإعتقادات وأنّه لا إله إلا الله ولا فاعل إلا الله ولا نافع ولا ضارّ إلاّ الله تعالى.

بالنسبة للعالم الروحاني هو عالم لطيف إذ أنّ الجنّ والشياطين مخلوقات لطيفة أي أنّها أرواح لطيفة أثيريّة تسري في الكون بحسب حقائق خلقتها فلها علمها الخاصّ من حيث هذا السريان , فالفقير الصوفي أو تقول المؤمن من حيث أنّه مؤمن كلّما توجّه إلى ربّه وذكر الله تعالى وحافظ على فرائضه ونوافله تلطّفت روحه بحسب هذا التوجّه فكلّما تلطّفت روحه أضحى قربه من العالم الروحاني كبير لأنّ العالم الروحاني هو العالم الآخر أي العالم الثاني الذي لا نراه قال تعالى ( إنّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) فهذه الآية صريحة في أنّ الشيطان يرانا من حيث لا نراه.

 لذا فالروح كلّما تلطّفت أصبح إتّصالها بهذا العالم أقرب وأصبحت حقائق هذا العالم متبرّجة لها , لذا فإنّك ترى الكثير من الذين لا يخشون ربّهم يصلّون ويصومون ويقرؤون القرآن فيعتزلون في الخلاء ويدخلون الخلوة تحت الأرض وذلك من أجل أن يتّصلوا بهذا العالم الروحاني حتّى يصاحبوا الجنّ والشياطين فيضعون معهم اليد في اليد فيخدمونهم ويستخدمونهم.

 وهذا ما يسمّونه بتسخير الأرواح أي أنّه يستطيع أن يصبح صاحب جاه ومركز في هذا العالم وليس هذا التوجّه عندهم في الذكر مقصود به وجه الله تعالى بل مقصودهم الإتّصال بهذا العالم أي عالم الجنّ أو ما يسمّونه بعالم الروحانيات من هنا صار الفراق بين أهل الله تعالى الذين وإن كاشفهم الله تعالى بهذا العالم وعلموا حقائقه فألّفوا فيه كتبا ليحذّروا الناس من ذلك لذا أجاز بعض العلماء أن يكون تعلّم هذا العلم فرض كفاية أي يتعلّم أحد المسلمين هذا العلم ليحذّر الناس منه وليكشف السحرة فيتصدّى لهم حتى لا يفسد على العوام دينهم أمّا غيرهم فلا وإنّما يؤلّفون تلك الكتب ليهلكوا الناس بذلك فهم إخوان الشياطين.

 وقد سمعت شيخنا يقول في عبد الفتاح الطوخي الذي يدّعي زورا وبهتانا أنّه من الطريقة النقشبندية بأنّه شيطان من هنا سيّدي نعلم كيف تؤلّف تلك الأحزاب وكيف تنمّق بحسب ما يعطيه النظر هناك أي بحسب حقائق ذلك العالم والمثال في الشاهد في كوننا هذا أنّك متى أردت إستخراج صنعة أو مركّب أو تستعمل شيئا من الأشياء وجب عليه أن تكون داريا بعلم ذلك الشيء حتى يكون ويخرج بحسب ما تريده أنت وهكذا فإستعمال أي شيء عليك أن تقرأ دليله كي تعرف كيف تتحكّم به , وهكذا هنا الأمر في هذا العالم وبحسبه تكون إستخراج تلك الأحزاب وقراءتها لتستحضر الجنّ والشياطين فيخدمونك ويقضون حاجتك كيفما تريدها لأنّه علم روحاني أكثر ما يختصّ بالنفوس والأرواح.

 وهذا كلّه في الشريعة يسمّى ( علم السحر ) وليس كلّ من دخل في هذا العالم أو طلبه يكون خرّيج مدرسته بل قد يكون ليس له من معرفة هذا شيئا لذا ترى كثرة التدجيل في هذا الزمان فكلّ الناس تدّعي معرفتها بعلم الروحانيات والتآليف في ذلك يعبّرون عنها ( بالكتب الصفراء ) ولتعلم بأنّ أغلب الناس اليوم غارقون في هذا فيسحرون بعضهم البعض ليهلكون بعضهم بعضا ( ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم ) وقد قال تعالى ناهيا عن هذا كلّه (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ).

 فتعلّم هذا العلم الروحاني حرام على العوام وعلى المسلمين أمّا إستعماله فكفر وقد قال صلى الله عليه وسلّم ( من سحر فقد كفر ) لأنّ الله تعالى يقول (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) وقد قال تعالى على لسان موسى (ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ).

قلت :

لا فرق في هذا بين مسلم وكافر لأنّ تعلّم السحر وإستعماله ليس مختصّا فقط بالكافرين بحسب أذكارهم بل يشاركهم في ذلك أيضا الكثير من المسلمين في هذا الزمان أو الذين يدّعون بأنهم مسلمون وكذلك من الملل الأخرى وأصحاب الديانات الأخرى كلّ بحسب طلسماته وتلاواته الكفرية فلا تظنّ أنّ تعلّم هذا العلم خاصّ بالكافرين بل يشاركهم غيرهم.

لذا فلا يغرّنك ما تراه من المسلمين من تلاوتهم للقرآن وصلاتهم وزكاتهم فإنّ هذا لا ينفي عنهم متى فعلوا هذا علم السحر أو الإنقياد للشياطين إلاّ أنّ هؤلاء قد يغفر الله لهم متى تابوا لأنّهم مسلمون وإن كان إسلامهم قد لا يقول به البعض من العلماء لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم يقول ( من سحر فقد كفر ) فهو كافر بنصّ الآية والأحاديث , هذا وقد ورد في الحديث ( من أتى عرّافا أو كاهنا فصدّقه فقد كفر بما أنزل على محمّد ) وقال ( لا تقبل منه صلاة ولا صيام ) هذا لتعلم بأنّ ما أنزل على محمّد صلى الله عليه وسلّم ليس فيه من السحر ومن الروحانيات الظلمانية من شيء بل هو النبيّ الربّاني العبد الصمداني صلى الله عليه وسلّم.

قلت :

فالأحزاب التي تتناول في طيّها ذكر أسماء سريانية لبعض ملوك الجنّ هي من علم السحر ولا يشفع لقائلها أو مؤلّفها أنّه من أهل الطريقة بل لا يلقى بالا لهذه الأحزاب مهما كان مصدرها بل ولو جاءتنا من قطب الوجود فإنّ كلّ هذا إّتباع سبيل غير الله تعالى وهذه أمور تخالف الكتاب والسنّة وصريح النصوص فلا تأويل فيها بوجه وهذا الأمر متى تحدّث عنه الوهابية فقد صدقوا فيه وهم مشكورون على ذلك إلا أنّ خلطهم بين هذا العالم والعالم الربّاني هو المصيبة التي دفعتهم للهلوسة من كلّ شيء فأضحى الإيمان وصريحه شركا عندهم فدخل عليهم الشيطان من حيث أنّهم أرادوا أن يهربوا منه فغاب عنهم تفصيل المراتب معرفة حقائق المعرفة وما تعطيه حضرات العلوم.

وسنفصّل إن شاء الله تعالى المزيد في هذا من حيث قضاء الحاجات حتّى نميّز الخبيث من الطيب والسنّة من البدعة والإيمان من الشرك.

يتبع ... 

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È