إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الأحد، 3 نوفمبر 2013

الآداب الزكية من الحضرة العيسوية 2

بسم الله الرحمان الرحيم

قال تعالى : ( مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنْتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )

الأدب الأوّل : قوله : ( مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ) فذكر أنّه لم يقل لهم غير ما أمره الله تعالى به وهو هنا أيضا ما قال ( لم أقل لهم ) فقط بل قال ( ما قلت لهم إلاّ ما أمرتني به ) فقيّد هنا عدم القول بقوله ( إلاّ ما أمرتني به ) كما قيّدت الملائكة في قولها أدبا ( لا علم لنا إلاّ ما علّمتنا ) فلو قالت ( لا علم لنا ) فما تشرعت ففيه مرض نفسي بل تذكر فضل الله تعالى عليه بما علّمها بعد أن اعترفت بجهل علم ما لم تعلمه اعترفت بالنعمة مع الاعتراف بما ليست له أهل ولم تخلق له ولم تستعمل له.

أي أنا يا رب قلت لهم وتكلمت معهم ونشرت فيهم دعوتي لكن قلت لهم ( اعبدوا الله ربي وربكم ) فذكر هنا مشهدا عمليا معلوم بالحسّ والمشاهدة حول قيامه بالدعوة إلى الله تعالى فما احتج بأمر لا يعلمه كأمر غيبي عن نفسه أو أمر لا يعلمه بل ذكر ما عاينه عيسى عليه السلام في وظيفته التي هي الدعوة إلى الله تعالى كما قال نوح عليه السلام ( قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا ) ... وهذا من الآداب الشرعية ...

الأدب الثاني ( أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ) فذكر هنا نفسه بالعبودية لله تعالى قبل أن يذكر عبودية قومه لله تعالى أي أنّه وقومه عبيدا لله تعالى ليسوا أربابا بل الله هو ربّهم الذي أمرهم عن طريق عيسى بعبادته لأنّ الإله واحد وليس ثلاثة فلو كانوا ثلاثة لعلا بعضهم على بعض ولفسدت الأرض ولصارت المغالبة فيما بينهم أمّا فكرة الأسرة فهي لا تليق بالله تعالى الذي قال ( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) وقوله ( لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ) فقال هنا بأنّه ذكر للناس أنّه عبد لله تعالى وأنّه مأمور بعبادته كما أمرهم بعبادته فالآمر بالعبادة هو الله تعالى سواء لعيسى الرسول أو لقومه فهو المرسول إليهم لذا كان صلى الله عليه وسلّم أوّل العابدين كما قال تعالى ( قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) أي لو كان له ولد وهذا محال فأنا أوّل العابدين لأنّه من المفروض لو كان له ولد أن أكون أنا هو ذلك الولد لكن لا يوجد ولد ولا يمكن أن يكون هناك ولد فأنا إذن أوّل العابدين وسيّد الخلائق أجمعين صلى الله عليه وآله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وآلهم .

الأدب الثالث : قوله ( كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ) أي أني حينما كنت فيهم كنت شهيدا عليهم فلو عبدني أحدهم لرددته ولتبرأت منه ولقاتلته متى عاندني فنسب لي ما لا يحق لي فأنا كنت شهيدا عليهم ما دمت فيهم فهذا الذي أعلمه منهم بالحسّ والمشاهدة الظاهرة ... وعليه فقد وقعت عبادة عيسى بعد أن توفاه الله تعالى ورفعه إليه ..

الأدب الرابع قوله : ( فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) أي أنت الرقيب على أفعالهم الظاهرة والباطنة فأنت تعلمها ووجه الأدب أنّه ما قال له ( فلمّا توفيتني كنت أنت الشهيد عليهم ) لأنّ فيه نسبة القصور إلى علم الله تعالى في هذه الآية تحديدا ( فافهم ) لذا فمعنى الشهادة لم يساو فيها عيسى الله تعالى بنفسه أي لم يجعل الله تعالى مساويا له في نفس مستوى الشهادة على قومه لذا قال ( كنت أنت الرقيب عليهم ).

الأدب الخامس : قوله ( وأنْتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) أي أنّ شهادتك لا تتعلق فقط بقومي لوسع شهودك فأنت شهيد على كلّ شيء كان أو يكون أو سيكون سواء في قومي أو في غيرهم من خلقك أجمعين ..).

وهناك آداب أخرى كثيرة فرعية ملكوتية جميلة كقوله ( فلمّا توفيتني ) فما قال لمّا توفيت أو لمّا نقلتني أو رفعتني إليك لأنّ الحوار حوار ألوهية مع عبودية لا تدخل فيه الخصوصيات.


ومنها قوله ( ما دمتُ فيهم ) فيه من العطف على قومه ما لا يخفى وهو من الأدب مع الله تعالى وهو كقوله ( إن تعذبهم فإنهم عبادك ) أي مهما كانت رحمتي بهم وهي كبيرة إلا أنّ رحمتك بعبادك تفوق رحمتي بنفس جنسي واشكالي.

ومن ذلك ( كنت أنت الرقيب عليهم ) نهاية الترجي لله تعالى بالرحمة الغالبة ....

هذه نفحات ورشحات من الحال العيسوي .. على نبيّنا وعلى سيدنا عيسى وأمّه سيدتنا مريم البتول العذراء أفضل الصلاة والسلام .آمين
.

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È