إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الجمعة، 29 نوفمبر 2013

خواطري حول المسيخ الدجّال 4 ...

بسم الله الرحمان الرحيم - 

نواصل في هذا الموضوع فأقول :

قلت بأنّ خفاء إبليس والشياطين هو سلاحهم الفعّال وقد أخبرنا الله تعالى عن ذلك بأبلغ بيان , قال تعالى : ( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) فالخفاء والكتم والسكوت من أفتك أسلحة إبليس رئيس المسيخ الدجّال وإنّما قلنا رئيسه لأنّ علوم إبليس أعلى وأخبث من علوم الدجّال فلو لا إبليس لما كان هناك دجّالا ولا غيره.

فالخفاء هنا نوعين :

خفاء طبيعي : من حيث أصل التركيبة العنصرية ومعلوم أنّ إبليس والشياطين مخلوقة من نار فكان تشكّله لطيفا منها لذا خلق الله تعالى الجان من مارج من نار وبهذا حاجج إبليس وأساء أدبه في الحضرة ونعني بالحضرة وجود الله تعالى ومكانته وهي الكبرياء والعظمة والعزّ فحيثما كنت أيّها الخلوق فأنت عبد لله لأنّه يقول ( فأينما تولّوا فثمّ وجه الله ).

 فهذه المكانة لا تزول أبدا كما كانت أزلا , لذا أساء إبليس الأدب في الحضرة وذلك بشهود نفسه فقارع وجود الألوهية والربوبية لأنّ حضرة النفس هي حضرة شرك ودعوى , والشرك والدعوى حضرة إستكبار لذا قال له ( ما كان لك أن تتكبّر فيها ) فليس ظهور النفس إلاّ الكبر فكلّ من لاحظ نفسه أو شاهدها فهو متكبّر , من هنا تعلم حقيقة التواضع لله تعالى والذلّ له والمسكنة لأنّها أوصاف العبودية التي أقامك فيها فحذار من يرى منك ظهور النفس فيخرجك من حضرته أي من مشاهدة وجوده فتكفر به وتشرك نفسك معه هناك من حيث لا تشعر لذا إتّخذ ساداتنا طريقهم طريق الفناء ثمّ البقاء بالله تعالى لا البقاء بأنفسهم فلو بقوا بأنفسهم لكانوا شركاء لله تعالى ففسّروا الدين الذي هو لله بحسب وجود نفوسهم فحرّفوه ولا بدّ فافهم هذا تسلم وترشد.

فعاين إبليس نفسه فذكر أوصافها وأنّها خلقت من نار وأنّ الذي تكبّر عليه وهو آدم خلق من طين , ولهذا فكلّ من ظهر في أوصاف النفس كانت مشاهدته مشاهدة أهل الكبر فرأى ظاهر الأكوان وهي العوالم المادية وأحبّ الدنيا حبّا جمّا فحجب بذلك جزاء وفاقا عن نسائم الحضرة وهو وجود الله تعالى بلا بداية ولا نهاية وأنّه الموجود الحاضر والحكم الباقي فكانت معاينته للأمور مختلفة تماما عن التحقيق بل تحريف وتلفيق.

 فقال هنا بالأسباب وشاهدها قبل فعل المسبّب فيها فضلّ بذلك وهذا مدد إبليس من حضرة النفس التي يستلزم عقابها لأنّها أساءت الأدب بالنّار الخالدة التي تفني كلّ شيء فكان الفناء هنا بالنسبة للشياطين وأتباعهم قهرا وغصبا في حكم الجلال فتناولته أحكامه كالإنتقام والشدّة والبطش ...إلخ لذا قال تعالى :( لا تبقي ولا تذر ) فيفنى غصبا بالعذاب أمّا آدم وبنيه فيفنون بالثواب ( وسنجزي الشاكرين ) فهذا الحدّ الفاصل بين الجنّة وبين النار ( أعاذنا الله منها ).

فظهرت نفس إبليس هنا في مقارعة ظهور الله تعالى ( وهو الظاهر والباطن ) فشاهد تركيبته العنصرية فتبجّح بها وإفتخر بها بمدد النفس فعمّ كبره وكثر حسده فأفسد التوحيد فحقّ عليه العقاب والعذاب , من هنا تعلم حقيقة الفناء عن النفس الذي يحكيه العارفون ... وفي هذا علوم كثيرة جدّا لا تقاس بل تظهر الحقائق كالشمس المشرقة.

فذكر أصل تركيبته العنصرية في مقابلة ذكره لأصل تركيبة آدم العنصرية وأنت تعلم أنّ النار لطيفة أي غير كثيفة , وأنّ الطين كثيف , من هنا أخبر إبليس لعنه الله تعالى عن نفسه وعن ماهية نظره ومستوى فهمه لبني آدم وأنّ رعايته فيهم ستكون في هذا المستوى وهو مستوى تلك التركيبة الطينية العنصرية فهناك محلّ نظره في آدم لأنّ نفسه خرجت إلى الظهور وملاحظتها فعمي عن حقائق آدم الأخرى الروحية والربانية فوقع بصره على حقيقة آدم العنصرية الطينية وهذا له علاقة كبيرة بالنفس أو تقول الطبائع التي تستلزمها تلك التركيبة الطينية.

فكان عالما بتلك الحقيقة وما يجب لها لهذا أغوى آدم سريعا في الجنّة بما وسوس له بالأكل من الشجرة لعلمه بطبيعة تلك التركيبة الطينية : كطبيعة الحرص والميل والخوف والطمع والجشع والحسد .... ولكنّه لا يستطيع أن يسيطر على تلك البشرية الطينية إلاّ بوجود حظّه فيها وهو عنصر النار , وأنت تعلم أنّ كوكب الأرض قيل فيه ( الكوكب الناري ) ويوم القيامة تسجّر البحار لتعلم أنّ إبليس لا يحسن أن يفعل شيئا إلا في هذا العالم وهو عالم الأرض لذا إستعجل المعركة الكبرى بينه وبين آدم فهي معركة لا مثيل لها في تاريخ المخلوقات والناس اليوم غافلون عن كلّ هذا حتّى نسي الناس ذكر الشيطان أو إستشعار وجوده معهم وفيهم والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول : ( إنّ الشيطان يجري من إبن آدم مجرى الدم ) وقال تعالى :( الذي يوسوس في صدور الناس ).

فلمّا علم إبليس المعركة وطبيعتها جنح إلى الخفاء لما تعطه حقيقته من اللطافة لأنّه لا يمكنه كسب المعركة إلاّ في الخفاء لذا زمجر وقال ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ) فهو واضح في أنّه خافي في هذا الإتيان وإلاّ فمن سيتركه يفعل هذا متى رآه , فبقي لك طريق واحد لا يأتي منه الشيطان وهو طريق العبودية لله تعالى لذا ما ذكر جهة الفوق ولا جهة التحت لأنّهما ربوبية وعبودية ( ما فوقه هواء وما تحته هواء ) فافهم وأنّه ( الظاهر فليس فوقه شيء ) ( والباطن فليس تحته شيء ) لتعلم علم إبليس بحضرات التوحيد ويعرف من أين يأتي ومن أين لا يمكنه أن يأتي.

 لذا نزع الملك حظّ الشيطان من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلا حظّ للشيطان فيه صلى الله عليه وسلّم أمّا غيره من أمّته فلا يزال للشيطان حظّ فيهم ولو كانوا عارفين وحكاية سهل بن عبد الله التستري رضي الله عنه مع إبليس التي حكاها الإمام الشعراني رضي الله عنه مشهورة لتعلم حرص الشيطان على ضلال البشر كيفما كان هذا الضلال ولو قدر أنملة لذا جعلت الشريعة أوراد اليوم والليلة وكذلك قال المشائخ ( التحصينات ) وهي الأذكار اليومية التي يلقّنها المشائخ لمريديهم لأنّهم أكثر الناس عرضة للشيطان وحربه مع قبيله وجماعته , لأنّهم أتباع الطريق المستقيم الذي وعد بالقعود فيه فهو في طريق الحضرة جالس يقطعها على كلّ سالك وهو الذي عبّر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأنّه رآه في ليلة أسري به.

قلت :

سلاحه الخفاء : الخفاء الطبيعي

ثمّ الخفاء الديني : وهو قلب الحقائق الدينية التي تعني جمال الوجود بأسره كالصدق والرحمة والشفقة والتواصل والتحابب والأخوّة والكرم والسخاء والتصديق والتسليم والتواضع ... وغيرها كثير ..فأراد أن يقلب كلّ تلك الحقائق في صورة الحقّ الذي يراد به الباطل وهذا ما يسعى إليه ويرنو إليه ومنذ أن هبط إلى الأرض وهو يسعى لتعميم هذا المفهوم على الأرض كلّها ولن تتاح له الفرصة الحقيقية بعد تلك المجهودات إلاّ في شخص المسيخ الدجّال الذي سيعبده أهل الأرض جميعهم.

وقد إقترب جدّا زمان هذا فقد تهيأت الأرض اليوم فأرسل جنوده وأعوانه في جميع البلدان وبثّ حكمه في مختلف الأنحاء فالعالم اليوم تحكمه الشياطين والخلق لا يدرون ولا يعلمون وهذه هي المصيبة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلّم في قوله ( من علامات خروج المسيخ الدجّال أن ينسى الناس ذكره ) وهذا حاصل اليوم فعلا فلا أحد اليوم تقريبا يشعر بوجود المسيخ الدجّال في حياته اليومية بل ولا يتذكّر وجود قرينه معه ولا نفسه الأمّارة بالسوء.

فهذا فصل صغير وسأكمل في تفصيل حقيقة هذا الخفاء كما وعدت بذلك

يتبع ....

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È