إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الخميس، 28 نوفمبر 2013

شرح قصيدة ( يا من تريد تدري فنّي ) لسيدي الشيخ العلاوي رضي الله عنه 8

بسم الله الرحمان الرحيم -

بارك الله تعالى في جميع إخواني على مرورهم الكريم وظنّهم الجميل. 

سيدي ميثاق جزاكم الله خيرا وعليكم جميعا السلام وبلّغوا سلامنا إلى سيدي محمد الدباز و جميع ساداتنا فقراء زاويتكم المعمورة بعنابة ولا تنسونا من دعواتكم الصالحات فإنّ نفحات سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه قدمت علينا من بلاد الجزائر وقد كان جدّي رحمه الله تعالى واسمه ( علي ) من فقراء سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه المباشرين توفّي رحمه الله سنة 1967 ميلادي وقد وجدت عند والدي حفظه الله تعالى الكثير من مخطوطات قديمة تشرح ما عليه الطريقة العلاوية رضي الله عن صاحبها من فضل وما تربّينا منذ صغرنا والحمد لله إلاّ على نفحات سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه ولمّا أراد شيخنا رضي الله عنه تثبيتي في الطريقة وقد كنت طائشا فأرسل لي بديوان سيدي أحمد العلاوي مع برهان الذاكرين وأنيس المريد لسيدي محمد المداني رضي الله عنهما فإنّ لسيدي أحمد العلاوي المشرب التوحيدي الصافي رضي الله عنه. 

هؤلاء آبائي فجئني بمثلهم --- إذا جمعتنا يا جرير المجامع 

وقد كان مشائخنا رضي الله عنهم كالوا من الثناء والمدح في سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه ما تعجز الأقلام والطروس عن تسطيره وحمله. 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الناظم رضي الله عنه : 

( أَنَا فَيَّاضُ الْرَحْمَانِ --- ظَهَرْتُ فِي الْبَشَرِيَا )

بعد أن كتبت السطر الأخير من الإسترواح في هذا البيت تحديدا جرت الأقدار أن اتّصلت بشيخنا سيدي فتحي السلامي رضي الله عنه وأخبرته بما الفقير بصدده وأنّني ذكرته في معرض الشرح والاسترواح في هذا البيت وكنت خائفا أن لا يعجبه ذلك وخصوصا أنّه ومنذ سنوات عديدة أخبرني أنّه لا يحبّ الظهور والشهرة ثمّ غاص شيخنا رضي الله عنه شرحا في هذا البيت بما يطرب الوجود ويخلّد الصفاء المشهود فأحببت أن أعطّر هذا الشرح بذكر بعضا من كلامه رضي الله عنه : 

قال رضي الله عنه : فيوضات الشيوخ تكون بحسب استعدادات المريدين فلا يمدّك الشيخ إلاّ بحسب استعداد قلبك ولا يفيض عليك إلاّ بحسب نيّتك في التوجّه إلى الله تعالى ثمّ نيّتك فيه لذا قال ( أنا فيّاض الرحمان ) فهو فيّاض الحضرة وليس غيرها فكلّ من توجّه في أصل نيّته لغير حضرة ربّه فلا يفيض عليه شيئا من الفيوضات لأنّه فيّاض الرحمان على أهل الحضرة , والفيوضات نوعان : فيوضات العلوم وفيوضات المعارف ثم استشهد في هذا بالآية القرآنية عن طريق الإشارة وهي قوله تعالى ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُور ).

قال : فوهب الإناث هي المعارف وإنّما كنّى عنها بالأنثى لأنّ الأنثى تلد وتتكاثر وهكذا هي معارف أهل الله تعالى التي يفيضونها على مريديهم وقد قال شيخنا إسماعيل رضي الله عنه ( أذاكر الفقير مذاكرة واحدة فيبقى يذاكر منها عشر سنوات ) أمّا وهب الذكور فهي العلوم الشرعية وأحكام الدين من فقه واستنباط وغيره ومن هنا كانت فيوضات الشريعة على الأئمّة الأربعة ومن نحا منحاهم من أصحاب المذاهب المندرسة فهي فتوحات ربانية مكنّى عنها في الآية عن طريق الإشارة ( بالذكور ) ثمّ قال رضي الله عنه : قال تعالى : ( أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) وهو فيض المعارف الربانية وفي نفس الوقت فيوضات العلوم الشرعية وهذا شأن أهل الطريقة الشاذلية فهم أهل الوهب الظاهر والباطن كسيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه إمام الطريقة أو غيره ممّن سارت بذكرهم الركبان كسيدي ابن عجيبة وسيدي محمد المداني وغيرهما رضي الله عنهما وكسيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه وهلمّ جرّا.

ثمّ قال رضي الله عنه : قال تعالى ( ويجعل من يشاء عقيما ) أي لا معارف لديه مفاضة ولا علوم شرعية مفتوح بها عليه فهو عقيم لا ينجب ولا يلد , ثمّ قال رضي الله عنه : ( ففيّاض الرحمان ) يفيض في العلمين ويمدّ بالمددين الظاهر والباطن لذا قال ( ظهرت في البشرية ) فجمع الباطن مع الظاهر والحقيقة مع الشريعة فهو قطب الوجود في العلمين والحامل لواء الدين في العالَمَيْن مذهب أهل الشريعة ومذهب أهل الحقيقة وهكذا هو قطب التربية والإرشاد في زمانه فيكتفي به المريد عن غيره كي يصحّ السير معه فهذا الذي تشدّ إليه الرحال. 

ثمّ قال رضي الله عنه : ولكن هذه الإفاضة على المريدين لها شروط لا بدّ من توفّرها في المريد الصادق ثمّ تلا قوله تعالى مستروحا فيه عن طريق الإشارة كعادته رضي الله عنه , قال تعالى : ( إنّما الصدقات للفقراء والمساكين .. الآية ) قال رضي الله عنه : الصدقات في الشريعة في مدلول الآية هي الزكاة فالإنسان الذي آتاه الله تعالى مالا وجب عليه دفع زكاة ماله عند بلوغ النصاب مع حلول الحول وهكذا أيضا الشيخ العارف وجب عليه زكاة ماله الذي هو علمه فالباطن كالظاهر فحكم الدين واحد وهو الكتاب الجامع.

فتجد الشيخ العارف يبحث عن الفقير الصادق لأنّه فقير تجوز عليه الزكاة كما وجب على الشيخ العارف وهو الغني الذي آتاه الله تعالى علما كثيرا ومعارف جليلة فإنّ الشيخ لا يتصدّق بشيء من زكاة علمه إلاّ متى وجد الفقير الذي تجوز عليه الزكاة لذا قال أهل الله تعالى ( نحن نضنّ بعلومنا على غير أهلها ) أي على غير المحتاجين إليها كما يحتاج الضمآن لشرب الماء سبب الحياة وهي حياة الروح , فمن وجدوه مستغنيا بعلمه فلا يتصدّقون عليه بشيء من علومهم لذا يشترط على الفقير عند وروده على الشيوخ الاغتسال من علمه وفهمه فيأتيهم في وصف الفقر الكامل لأنّ ( الصدقات للفقراء والمساكين ) قال شيخنا رضي الله عنه : وإنّما بدأ بالفقراء قبل المساكين وغيرهم ممّا ورد ذكرهم في الآية فلما يستوجبه الترتيب فليس الفقير في الحاجة مثله كمثل المسكين ولا المسكين في الحاجة كمثل العاملين عليها ... وهكذا .. لذا سمّوا الفقير فقير لأنّه لا يوجد أنجع من هذا الوصف سببا للنوال والغنى ....إلخ وأطال رضي الله عنه في هذا بما لم أسمع مثله قطّ.

ثمّ قال : وهكذا أهل الطريقة أو أهل الشريعة فمتى جاؤوا إلى ( فيّاض الرحمان ) فعليهم أن يفتقروا كما وقع لأبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه عند قدومه على شيخه وهو سيدي عبد السلام بن مشّيش رضي الله عنه فقد قال له ( اذهب يا أبا الحسن فاغتسل ) أي اغتسل من علمك وفهمك وارادتك ... كي تفوز بالنور والسرّ المصون وفعلا هذا ما ناله بعد أن افتقر وقد كان مفخرة وعلاّمة زمانه في علوم الشريعة حتى أنّه كان يعد للمناظرة في علوم الظاهر.

قال شيخنا رضي الله عنه : فكيف لا يكون فيّاض الرحمان من آتاه الله تعالى تلك المواهب والفهوم و رزقه تلك العلوم فهو ولا ريب يفيض بها على الوجود في كل وقت وحين متى علمت أنّ خزائن الله تعالى مفتوحة ولا ينفذ ما فيها حتّى أنّ سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه قال في قصيد له ( يأتي ولو بالتجريب --- فله منّا نصيب ) كلّ هذا ترغيبا وتشويقا. 

ثمّ أنشد شيخنا بعد كلام رباني نفيس يعرج بالروح إلى رحاب القدس لا أحفظه متمثّلا بقصيدة أخيه العارف بالله تعالى سيدي الحفناوي بلخيري رضي الله عنه التي يقول في مطلعها ( تدفّق فيض من إمامي وقدوتي --- على باطني قهرا بروح الحقيقة ) وقد أطال رضي الله عنه بما يطرب الوجدان ويقرّب القلب إلى حضرة الرحمان ...


هذا كلام نقلته عن شيخنا بتصرّف وإنّما حاولت أن أذكر ولو جزءا من المعاني التي أفاض بها علينا في شرح هذا البيت رضي الله عنه وليس الكلام كالكلام ولا الحال كالحال وعاش من عرف قدره فإنّي عندما أقارن نفسي بشيخنا رضي الله عنه ( وهذا لا يحصل ) أجد نفسي كأمّي بين يدي عالم من حيث العلوم أمّا من حيث الأحوال فأجد نفسي كأرنب بين يدي أسد ...

هذه قصيدة سيدي الحفناوي بلخيري رضي الله عنه وهو مريد لشيخنا سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه والتي ذكر مطلعها شيخنا رضي الله عند شرح هذا البيت نقلتها للفائدة وكي يعلم أنّ سيدي أحمد العلاوي أنجب رجالا ويالهم من رجال ( أحبّهم وأداريهم وأوثرهم --- بمهجتي وخصوصا منهمو نفرا ). 

والله أعلم وأحكم 

يتبع إن شاء الله تعالى ...





تدفّق فيض من أمامي و قدوتي 
على باطني قهرا بروح الحقيقة 
فأفنى وجودي في الجمال تكرّما 
وأغرقني بالفيض في الأحديّة 
وقال لقلب تاه في أبحر الصّفاء 
عليك بها صرفا فهذه خميرتي 
لها المصطفى المختار من بين خلقه 
مدير وساق يسقي كلّ الأحبّة 
تجلّت بها للخلق من غير فاصل 
فهامت بها أرواحهم مذ تجلّت 
وكأسي لها في العمر غوث ومحور 
وفرد فريد الحسن قطب الأيمّة 
حوى من جمال يعجز النّطق وصفه 
وأين وجود الوصف في فيض خمرتي 
ففيه تلاشى الكون ثمّ فنى به 
فصار هباءا بل أقلّ في نظرتي 
فما كان كأس الخمر إلاّ لعزّه 
ولولا سناه ما بدا سرّ قبضتي 
فكانت ولازالت وصارت تشكّلا 
وتبقى كما بالبدء حقّا تجلّت 
لها الفضل في فتق لرتق مطلسما 
واظهار سرّ كامن في الخليقة 
أباحت لنا ما كان خاف ممنّعا 
وأبدت لنا أنوار ذات خفية 
ومنها ابتداء الذّوق والشّوق نابع 
لعشّاقها من كأسها المستنيرة 
كسته بثوب السّحر أصبح جاذبا 
بحسن سناها كلّ عقل و همّة 
لها ساترا حقّا و يبدي جمالها 
لعين محبّ منه في الكأس هامت 
كفاه ختام الكأس عن رشف خمره 
وحيّره في الكأس أعظم حيرة 
لأنّ جمال الكأس فيض جمالها 
ومنها انتشار الحسن في كلّ صورة 
وفيه به أشكال خلق تناثرت 
ولكنّها دكّت به خير دكّة 
فلا فصل بين الكأس و الختم يا فتى 
فقد مزجا في السّرّ فافهم إشارتي 
لقد كنت مخفيا و كنزا مطلسما 
وحيدا ونورا واسعا كلّ وجهة 
صفاءا عجيبا بل دقيقا و غامضا 
وبحرا عظيما مظهرا أحديّتي 
فشئت بمحض الفضل إظهار من أنا 
فكان وجود الخلق فعل إرادتي 
قبضت لخلق الخلق من نوري قبضة 
موحّدة ذاتا و فعلا و صفة 
وسلّطت قهري حتّى فاض دخانها 
فكان سماوات وأرضا بقدرتي 
وخلقي لها في ستة كان حكمة 
وتعجيز من يبغي الوصول لحكمتي 
وأنّي بها قد أردت إشارة 
لستّ صفاة هنّ في البشريّة 
أشرت بها للسّمع ثمّ تدرّجا 
إلى بصر يدنيك من فهم قدرتي 
وعلم تدلّى ظاهرا ثمّ باطنا 
تدان كلاما واختفى بإرادتي 
فلا نطق إلاّ من عزيز كلامنا 
ولا سمع إلاّ من فصيح عبارتي 
ولا بصر في الخلق إلاّ وناظري 
له سابق في الحال من محض قدرتي 
فمنّي استمدّ الكون سرّ حياته 
وكان بقهري واضح العدمية 
ولا مظهر في الكون إلاّ ظهوره 
ظهوري ولكن قد بطنت لشدّة 
ظهوري قديم سابق كلّ كائن 
فمن ذاق هذا حار في واحديّتي 
ظهرت بكلّ الخلق في قبضة البهاء 
تلوّنت بالألوان من غير حصرة 
فمنّي إليّ قد بعثت إشارتي 
و منّي كموج البحر كانت خليقتي 
فموج وبحر في الحقيقة واحد 
فلا فضل عندي بين بحر وموجة 
صفاتي موج قد بدا حسنها لديّ 
وجود ظهور القبضة الأزليّة 
وبحري ذاتي لا وجود لغيرها 
وأين يكون الغير والكلّ وجهتي 
فلا أوّل قبلي إذا كنت مبتدا 
و لا حاصر حدّا لمعنى بدايتي 
ولا آخر بعدي إذا دكّت السّماء 
فلا حصر حقّا بعدها لنهايتي 
لأنّي وحيد قد بدأت و عودتي 
وكنت أبقى واحدا مثل بدأتي 

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È