إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الجمعة، 29 نوفمبر 2013

شرح قصيدة ( يا من تريد تدري فنّي ) لسيدي الشيخ العلاوي رضي الله عنه 9


بسم الله الرحمان الرحيم - 

قال الناظم رضي الله عنه : 

( وَالْأَصْلَ مِنِّي رُوحَانِي --- كُنت قَبْلَ الْعُبُودِيَة ).

قال سيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه بخصوص الطريقةّ الشاذلية العلية ( هي طريقة الوصول بحسب الأصول ). 

والأصل الذي غاب عن أكثر الناس اليوم هو أصلهم الروحاني الذي هو من عالم الغيب الغائب عن الأبصار وإن كان مرئي بالبصائر فلمّا ذكر الناظم رضي الله عنه صفته الفعلية من حيث وظيفته وعمله وما أوكله الله تعالى إليه من تربية المريدين وارشاد الطالبين كما قال لرسوله عليه الصلاة والسلام ( يا أيّها المدثّر قم فانذر ) وكما قال تعالى له ( يا أيّها المزمّل قم الليل إلا قليلا ) كي يوفّي حقوق الأمر وهما : حقّ الله تعالى عليه والثاني حقّوق العباد عليه , فالعارف مسؤول عن رعيته الذين هم مريديه ..

لهذا دلّ الناظم رضي الله عنه مريديه والمسلمين على أصله الحقيقي وأنّ أصله روحاني قام في تلك الذات البشرية كما قال رضي الله عنه في البيت السابق ( ظهرت في البشريا ) أي ظهرت في البشرية للبشرية فلا بدّ أن يكون المرشد من جنسك وإلاّ فكيف سيأخذ بيدك , كما قال تعالى في حقّ سيّد البشر ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) أي من نفس جنسنا ذاتا و روحا وعليه يصحّ الجمع فيه صلى الله عليه وسلّم ويصحّ الجمع على الشيوخ رضي الله عنهم لقوله تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا ). 

( والأصل منّي روحاني --- كنت قبل العبودية ). 

كي لا تعتريك شبهة في التقصير منه بعد أن أخبرك بأنّه فيّاض الرحمان , وأنّ أصله روحاني كي يعلمك بمناط الروح وعظمة وصفها وأنّها درّاكة للحقائق عارفة بالرقائق والدقائق فإنّ وصف الروح عظيم كما قال صاحب سليمان عليه السلام مخبرا عن وصف روحه ( أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك ) لما للروح من شؤون كسرعة وإدراك لذا قال ( والأصل منّي روحاني ) أي هذا أصلي فقد كنت قرب ربّي في حريّة عن كلّ من سواه فلا أرى شيئا غيره ولا لي ميل لسواه.

فهو يخبر هنا عن وصف تعلّق روحه بربّه قبل حلول ومجيء وقت خلق جسمه وهذا هو أصل كلّ روح عارف بربّه لذا نبّه هنا على هذا الأصل العظيم وهو أصل الدين بعد أن أخبرك المولى سبحانه في كتابه العزيز ( ونفخت فيه من روحي ) فهذا هو الأصل الذي أخبرك الناظم عنه لئلاّ تعتقد أنّ للسوى عليه سلطان لذا قال ( كنت قبل العبودية ) أي قبل النزول إلى أرض التكليف ومحاسن التعريف كنت في ذلك الوصف الكامل من كمال المعرفة وكمال التنوير وكمال الحريّة عن كلّ من سوى الله تعالى.

 وإنّما لمّا ذكر في البيت السابق رضي الله عنه في قوله ( ظهرت في البشريا ) فكأنّه غار أن يسطو عليه أمر التكليف بالتربية والإرشاد ومخالطة البشرية فيميل إلى عالم البقاء أي غار أن يميل ولو لفظا محتّما إلى عالم الصفات بعد شهوده ذات الذات فما أن ذكر ظهوره في البشرية حتى قال ( والأصل منّي روحاني ) أي لا تعتبر فرعي وانظر إلى أصلي قبل نزولي إلى عالم الأكوان وهذا هو أصل الفقه عندما يقال ( علم أصول الفقه ) فلا أصل قبل هذا الأصل وهو الأصل الثاني بعد الأصل الأوّل الذي هو ( اللـــــه ). 

لذا فعلم أصول الدين هو علم التوحيد وهو معرفة الذات الإلهية , والأصل الثاني هو علم أصول الفقه وهو معرفة الذات المحمّدية أو تقول معرفة الروح فلا وجود حقيقة لغير هذين الأصلين فالعارف الحقيقي من عرف الاصل الثاني عن طريق الأصل الأوّل وهذا لأهل الجذب , ومن عرف الأصل الأوّل عن طريق الأصل الثاني فهذا لأهل السلوك , فدلّك الناظم هنا أنّ طريقته طريقة جذب في سلوك وسلوك في جذب لذا قال في البيت الآخر بعد هذا البيت : 

( ثُمَّ عُدْتُ لِأَوْطَانِي --- كَمَا كُنْتُ فِي حُرِّيَا ).

فعاد بعد تلك العبودية التي ذكرها ومن دقيق نظره رضي الله عنه أنّه ذكر الصواب والحقيقة كما قال ( والأصل منّي روحاني --- كنت قبل العبودية ) فربط العبودية بالأصل الأوّل وهو أصل الروح وهذا طريق الجذب ثمّ ربط الحريّة في قوله ( ثمّ عدت لأوطاني --- كما كنت في حريّة ) فذكر حريته عند ذكره الرجوع والعودة لأوطانه فعكس الكلام كي يبيّن لك أنّ طريقته جذب في سلوك وسلوك في جذب وهذه هي حقيقة الطريقة الشاذلية لذا قالوا أنّها خارجة عن دائرة الأكوان , وإنّما قال هذا فلأنّه شرع في ذكره شؤون الروح فلو لا الروح ما كان هذا الأمر. 

وفي كلّ هذا وغيره إنّما يريد الناظم رضي الله عنه أن يدلّ الخلق على الله تعالى من بابه لأنّه فياض الرحمان وهذه الطريقة هي طريقة الأقطاب حتّى قيل : ( كاد الشاذلية أن يكونوا كلّهم أقطابا ) أو كما قيل فيما معناه. 

فرضي الله عن الناظم وأرضاه ما أوسع عبارته , وليعلم الجميع أنّ العبد الضعيف لم أتقيّد بالتقليدي من الشروح كالاستشهاد بالأبيات خلال الشرح وذكر بعض حكم وأقوال الصالحين والعارفين كما جرت به العادة عند أغلب أهل الله تعالى وهذا حقّ وهو الصواب وإن لم أكن أفعله فالخلل منّي والله أعلم.


يتبع إن شاء الله تعالى ...

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

È